مقالات متنوعة

احمد المصطفى ابراهيم : حلايب ليست وحدها


معزة مصر في نفوسنا لا خلاف عليها. (طبعاً هذا كلام الدبلوماسية والعلاقات العامة والفي الألب في الألب) وريادتها – في كثير من الأمور – لا ينكرها إلا مكابر. وحفظاً للود وتضميد الجراح سكت الناس عن حلايب زمنا طويلاً. ولكن مصر دائماً كلما رُخيت شعرة معاوية شدتها وشعرة معاوية دائماً لصالحها وبالأمس القريب أتبعت حلايب وشلاتين لمحافظة أسوان. (ومازال بعضهم يردد مصر يا أخت بلادي يا شقيقة)
ما ذُكرت المناطق التي ستشكل هاجساً يحتاج لمعالجات إلا وذكرت حلايب. وعاد السؤال الذي تفاداها السياسيون زمنا ليس بالقصير لكثرة مشغولياتهم ولكثرة الجروح النازفة التي لا تحمل زيادة – على الأقل – في الوقت الراهن.
طبطبة الجراح لا تشفيها ولكن الأولويات التي لم يعرفها سياسيونا في التنمية نجحوا فيها في مجال السياسة. لن نستطيع أن نقول: ما علينا هم وشأنهم فهذا حق عام وحق أجيال قادمة هل نكتفي به فقط مكتوباً على مؤخرة الشاحنات (حلايب سودانية)؟ ولماذا لا يتم التحادث فيها الآن وليس غداً مجرد محادثات ومباحثات وبلاش بندقية فكلانا مصر والسودان اعقل من أن يستخدما السلاح لحل المشاكل أليس كذلك؟
غير أن هناك مشكلة حدودية أخرى مع الجارة مصر لم يسمع بها أصحاب اللواري وسائقيها حتى يكتبوها على مؤخرة شاحناتهم. تلك القطعة التي تبدو في الخريطة كحبة التسالي أو كحبة اللب كي يفهم إخوتنا المصريون ولكنها في الواقع على الأرض آلاف الأفدنة الصالحة لكل شيء وأعني بها تلك المنطقة شمال حلفا فبدلاً من أن تبدو في شكل حرف U مقلوب (أو كحدوة الحصان) والنيل يمر بمركزها (أعني محور تناظرها طبعا حكاية محور تناطر هذه لطلاب وأساتذة الرياضيات).
نجد أن بعض الخرائط جعلت من حدودنا الشمالية مع الجارة العزيزة مصر في هذه المنطقة خطاً مستقيماً لا عوج فيه.
لو ظهر هذا الخطأ في خريطة أو خريطتين لقلنا بسيطة ولكن انتشاره في ازدياد ويبدو أن هناك جهة تروج لاستقامة حدودنا الشمالية كلها عند حلفا وعند حلايب. الغريب أن بعض الخرط بدأت تدخل السودان بهذا الخطأ وتعرض في أماكن لتبدو طبيعية.
لا حلايب يمكن السكوت عنها ولا شلاتين ولا أرض حلفا ويجب أن يقوم على هذا الأمر من يصحح حدودنا الشمالية ويعيد ما أُريد له أن يكون خطاً مستقيماً. بهذه السطور أكون قد نقرت جرساً لعلماء الجغرافيا وعلماء الوثائق.
التنفيذيون والمختصون هم المنوط بهم هذا وتتقدمهم إرادة سياسية قوية لا تكسرها ملفات عفا الزمن عليها وما عادت إلا للتخويف والابتزاز. لماذا يؤجل مثل هذا الملف ملف الحدود الشمالية ولماذا لا يترك لمتخصصين أن عجزوا لجأوا للتحكيم الدولي ولقد نجح في عدة دول.
رغم أن ملف حلايب واقف في مكانه ولكن جديد اليوم أن يضاف إليه الأرض شمال حلفا وهي شبه منسية وقليلاً ما تذكر.