الطيب مصطفى

كيف تعاملت كينيا مع اللاجئين ؟


يقول خبر (الصيحة) إن الحكومة الكينية قامت بإغلاق مخيم كاكومبا الذي يستضيف أكثر من (190) ألف لاجئ من دولة جنوب السودان بسبب المخاوف الأمنية والاقتصادية وفقاً لتصريح الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية الذي قال إن الحكومة الكينية أخذت بعين الاعتبار سلامة أمنها القومي الأمر الذي حملها على إنهاء استضافة اللاجئين الجنوبيين والصوماليين على أراضيها وحل مفوضية شؤون اللاجئين والمنظمات الإنسانية الداعمة استعدادا للترحيل الفوري للاجئين من أراضيها عازية ذلك القرار إلى أن تكاثر اللاجئين تسبب في (زعزعة الأمن القومي وشل الاقتصاد الكيني).
سبحان الله ! بسبب أقل من (200) ألف لاجئ جنوبي تقيم كينيا الدنيا وتقعدها وتلطم الخدود وتشق الجيوب خوفا على أمنها القومي وعلى اقتصادها بينما بلادنا الغافلة الساهية اللاهية لا تبالي وهي التي تئن تحت وطأة الملايين المتدفقين عليها من كل أطراف أفريقيا بل أن عدد اللاجئين من الجنسية الواحدة يبلغ أحيانا عدة ملايين فبربكم أين يحدث ذلك في أي من دول العالم مهما قوي اقتصادها وتوطد أمنها غير هذه (الجبانة وهايصة) التي لا تكترث لما يترتب على تلك الهجرات المليونية من إخطار على أمنها القومي وسلامها الاجتماعي واقتصادها المتداعي الذي يوشك أن يرديها صريعة.
كينيا أيها الناس تخشى على أمنها القومي بالرغم من أن علاقتها مع دولة جنوب السودان لا تشوبها أية شائبة أو يعكر صفوها أي صراع أو مرارات من حروب سابقة أما نحن الذين تضطرم صدور أبناء الجنوب وقياداته السياسية بأكوام من الضغائن والثأرات علينا بفعل الحروب المتطاولة معنا بل والذين ترفع دولة الجنوب شعارات التحرير في وجوهنا وتسمي حزبها الحاكم بالحركة الشعبية لتحرير السودان بغية (تحرير بلادنا منا)، وتدعم المتمردين على دولتنا بالسلاح والرجال فأننا لا ولن نشعر بأي خطر منها على أمننا القومي إلا إذا شعر أهل القبور بضجيج الناس من حولهم!.
دولة بلا وجيع تهدر الأموال في إقامة مراكز البحوث والدراسات (الاستراتيجية)! التي أعدت لزوم إيجاد فرص عمل لبعض العاطلين على غرار ما يفعل بالوظائف الدستورية التي تمنح لإسكات من وضعوا البندقية أو لاسترضاء المغبونين أو لحفظ التوازنات والمحاصصات القبلية والجهوية لكنها مراكز تبحث في الماضي أما الحاضر والمستقبل والاستراتيجي فهو ما لا اظنه يقع في دائرة اهتماماتها.
اسألوا معتمدي محليات ولاية الخرطوم خاصة في أمبدة وجبل أولياء يحدثونكم عن (الكشات) التي تقوم بها الشرطة كل حين للقبض على بائعات الخمور البلدية اللائي تمتلئ بهن سجون الولاية ولا يتوقف سيل تلك التجاوزات والجرائم حتى لو أقيمت الكشات يوميا.
أسالوا عن الخلايا النائمة والصاحية بل اسالوا عما يفعله طلاب الجامعات المتمردون المنتمون للحركات المتمردة التي يتبع بعضها لقياداتهم في دولة جنوب السودان.
بعد أن بحت أصواتنا وبعد أن بلغ السيل الزبى والروح الحلقوم وضج الناس بالتذمر والشكوى وتكاثرت المصائب والبلاوي والتخابر والتآمر من اللاجئين الجنوبيين اقتنع القائمون على الأمر بخطئهم الفادح وقرروا أخيرا اعتبار أولئك اللاجئين أجانب ولم يسألهم أحد عمن أعطاهم الحق في أن يقرروا قبل ذلك غير ذلك ولم يذكرهم أحد بان هؤلاء اللاجئين هم الذين قرروا أن يكونوا أجانب حين اختاروا (فرز عيشتهم) منا والانفصال بدولتهم بعيدا عنا.
إننا والله حيرصون على إقامة جوار آمن مع دولة الجنوب ومع غيرها من الدول لكننا وقد أوذينا من الجنوب من قبل الانفصال ومن بعده ظللنا ننادي بوضع استراتيجية للتعامل مع تلك الدولة تتغير مع تغير الأحوال سلما وحربا سيما وأن الجنوب لم يستقر ولن تخمد نيران الحرب بين مكوناته القبلية وأنا على يقين أن الحرب التي اندلعت بين الدينكا والنوير في ديسمبر 2013 زادت من الغبائن وولدت من الثأرات ما لا يمكن تضميده بالاتفاقيات الفوقية وإذا كنت قد طالبت القيادات والنخب الجنوبية في وقت سابق باختصار الوقت والأقدام على تقرير مصير أعالي النيل الكبرى بدلا من إضاعته في وحدة مستحيلة كالتي تجرعنا مراراتها وأضعنا زمننا وأعمارنا ومواردنا وأرواحنا في التغني بها ومخادعة أنفسنا بأمكان حدوثها بين الشمال والجنوب فإنني لآمل أن يمضي النائب الأول لرئيس دولة جنوب السودان رياك مشار في إنفاذ ما وعد به بأن يختار الجنوبيون اسما آخر لدولتهم بدلا من اختيار اسم يشي بتبعيتها إلى السودان.