حوارات ولقاءات

السفير الايطالي بالخرطوم: السودان يحب ايطاليا وكذلك ايطاليا تحب السودان


ترجع العلاقات بين السودان وايطاليا الي الصلات بين مملكة كوش والامبراطورية الرومانية حيث تم وقتها تبادل ارسال المبعوثين والسفراء بالاضافة الي التبادل التجاري بين البلدين – يثبت ذلك وجود موانيء علي البحر الاحمر تحمل اسماء رومانية مضاف اليها التاثيرات الرومانية التي وجدت بالمباني والمعابد في مناطق مروي والمصورات الصفراء.

وللسودان الحديث علاقات سياسية واقتصادية وثقافية مع ايطاليا تأرجحت بين القوة والضعف والانقطاع احيانا وفق الظروف السياسية في البلدين .. وعقب استقلال السودان تم افتتاح سفارة السودان في روما عام 1956 لرعاية المصالح السودانية ولتوثيق وتطوير العلاقات بين البلدين في المجالات كافة .

وفي اول حوار له مع وكالة السودان للانباء تحدث سفير ايطاليا لدى السودان السيد فابريزولوبيسا … عن العلاقات الثنائية بين البلدين ومجالات التعاون المشترك بينهما فألى مضابط الحديث:-
س: بداية نرحب بك سعادة السفير فى السودان العلاقات السودانية الايطالية تشهد نشاطا كبيرا فى الاونة الاخيرة بعد فترة من الركود فى السابق …. ما هو تعليقكم؟
ج: علاقتنا مع السودان كانت موجودة فى الماضى وحاضرة كذلك الان في العديد من المجالات . على الصعيد السياسي التقى وزيرا الخارجية بالبلدين مرتين خلال العام الماضى , في روما و نيويورك خلال اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة وقد وجهنا دعوة للبروفيسور غندور وزير الخارجية الحالي للمشاركة فى مؤتمر مهم يعقد في روما منتصف مايو القادم. كذلك نحن اعضاء فى منظومة الاتحاد الاوربي و لكن نعتبر انفسنا شركاء للسودان وداعمين له في إكمال مسيرة تحقيق الديمقراطية بالبلاد ونؤيد كل الجهود التى ترمي الى تحقيق الوفاق الوطني ،ويمكنني القول اننا قريبون جدا من السودان داخل المجتمع الدولى. اقتصاديا علاقاتنا جيدة ولكنها تحتاج الى المزيد من العمل , كما تعلمون هناك العديد من العقبات مثل الازمة المالية العالمية والعقوبات الامريكية مثلا تعيق دخول الشركات الايطالية للاستثمار في السودان ولكننا نبذل الكثير من الجهد , حيث عقد المؤتمر الاقتصادى الاول فى 2014 وكذلك في 2015. المسألة ليست سهلة وتحتاج الى المزيد من العمل . ونحن نسعى لتشجيع وتنظيم مجموعه شركات ايطالية لتعمل في الاستثمار في مجالات الزراعه، الصناعة و الثروة الحيوانية والبني التحيتة , وهناك العديد من امكانات التصدير بين البلدين. ثقافيا لدينا العديد من الانشطة الثقافية بالسودان لاننا نشعر ان السودان يحب الثقافة الايطالية من فنون وكرة قدم وسينما وكذلك الاطعمه واللغة الايطالية. ورائى بعد عام من قدومي الى السودان ان العلاقات ممتازة على كل الاصعدة بين القطرين .

س: السودان يتمتع بموقع مميز بين المنطقة العربية والافريقية ويعتبر بوابة الدخول الى افريقيا … كيف تنظرون الى ذلك واهميته فى تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين ؟
ج: القارة الافريقية لاسباب تاريخية و ثقافية قريبة جدا لنا فى ايطاليا خاصة دول مثل اريتريا , ,اثيوبيا الصومال وحتى ليبيا . لذلك ” وجود سودان قوي و مستقر ضرورة اساسية لنا” . اذا تناولنا الامر من ناحية ” جغرافيا سياسية” فقد زادت في السنوات الثلاث الاخيرة عمليات الهجرة غير الشرعية . وكلنا نعلم ان الهجرة عبر البحر المتوسط من اليمن وسوريا واريتريا واثيوبيا والصومال والسودان تبدأ خطواتها من هنا ( السودان) ثم تتجه الى النيجر او ليبيا او مصر . لخصوصية هذه المنطقة يمثل استقرار السودان اهمية كبرى لدينا ولذلك نحن ندعم هذه الدولة لاننا نعلم اهميتها مستقبلا.

س: قدمتم الايام الماضية دعوة للسيد وزير الخارجية بروفيسور غندور لحضور المؤتمر الايطالى- الافريقي منتصف مايو المقبل …… حدثنا عن هذا المؤتمر؟
ج: نعم هو مؤتمر هام جدا لا يعقد سنويا ولكن ينظم كل فترة لان ايطاليا تعطي اولوية كبرى للدول الافريقية ليس بسسب الهجرة او سياسيا اواقتصاديا بل لانها تمثل جزء هاما فى المستقبل بالنسبة للمجتمع الدولى. المؤتمر يعقد على مستوى عالى يضم وزراء الخارجية بكل الدول الأفريقية . حيث تناقش فيه العديد من الموضوعات تشمل السياسة والاقتصاد والتعاون فى مجالات التنمية ومن المتوقع ان تشارك غالبية دول القارة في المؤتمر.

س: على الصعيد السياسي مع بروز قضية دارفور على السطح عملت ايطاليا مع المجموعة الدولية واشتركت في جهود السلام المختلفة ماهى جهودكم لدعم السودان لتحقيق الاستقرار والسلام داخليا….. خاصه فى ولايات دارفور ؟
ج: لدينا رغبة كبيرة فى المساهمة لحل هذه القضية ولكن مساهمتنا للا سف قليلة جدا, لدينا بعض المنظمات المدنية العاملة هناك وبرنامج الطوارئ عبر التعاون الايطالى . نحن نركز اغلب جهودنا فى بعض مناطق شرق السودان بكسلا والقضارف , نعلم تماما اهمية دارفور بالنسبة للسودان لذا نحن ندعم كل الجهود التي تبذل من اجل تحقيق السلا م وانهاء الصراع في هذه المنطقة .

س: كيف تقيمون مجريات الحوار الوطني واهميته فى توطيد الامن والاستقرار بالبلاد وكيف تقيمون الدور الافريقى في هذا الشأن ؟
ج: مؤخرا أعلنت ايطاليا عبر مجموعة دول الاتحاد الاوربي عن دعمها للسودان واهل السودان في شأن عملية الحوار الوطني وهو ممارسة ضرورية تمضي قدما ويجب ان يكون شاملا ليضم المزيد من المشاركين . بالنسبة لى هذا هو الوقت لتحقيق السلام الان فى السودان والا لن يأتي ابدا .

الاتحاد الافريقى يبذل جهود مقدرة عبر وساطة امبيكى , نتابعها عن قرب مع اهل السودان لاننا نعتقد انه عبر الحوار الوطنى سيتحقق الاستقرار للسودان يفتح الباب للمساعدات التنموية , ثقتنا كبيرة فى ذلك. منذ وقت طويل الالية الافريقية ممثلة فى امبيكى تقوم بمهمه الوساطة منذ فترة طويلة وهى شاقة جدا لانها تسعى الى اقناع الحكومة وكل الاطراف المعارضة للجلوس حول طاولة المفاوضات . نحن ندعم ذلك لانها مهمة صعبة وشجاعه وهنا اؤكد على جميع الاطراف حكومة ومعارضين منظمات مجتمع مدنى ان يساهموا بكل جهد لانجاح هذا الحوار وتحقيق السلام .

س: بوصفكم دولة عضو فى الاتحاد الاوربي كيف هى العلاقة بين الاتحاد والسودان؟
ج: بطبيعه الحال تعتري هذه العلاقة بعض الصعوبات ‘ ولكن الطرفان يتحدثان الى بعضهما البعض ويتفاهمان عبر مختلف طرق الحوار والثقافة والاهم هو ان الحوار لا ينقطع ابدا بين الطرفين والابواب دائما مفتوحة عبر الطرق الديمقراطية , احيانا تكون العلاقة جافة ومزعجة ولكن هذا جزء من سيناريو اكبر وهو ان الحوار مستمر وان الاتحاد الاوربي يدعم كل اهل السودان لتحقيق السلام وهذا هو المهم.

س: يتميز الموقف الايطالي من السودان عموما بانه متوازن وايجابي مقارنة بمواقف بعض الدول الغربية ، كما اعلنت ايطاليا موقفها الايجابي والمتوازن بصورة جلية فور صدور قرار مايسمى بالمحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس البشير 2009 . كيف تقيمون ما حدث؟
ج نعم , هناك قرار من المحكمة تجاه الرئيس البشير وتوجد ممارسات لانفاذه , نحن نأمل ان يحل هذا الامر بالوصول الى اتفاق بين الاطراف . وهذا الوضع يجب ان يحسم فى المستقبل بشكل ما ونأمل ان تزول او تحل هذه المشكلة مستقبلا.

س: شهد التعاون الانساني بين السودان وايطاليا تطورا ملحوظا خلال الفترة الاخيرة ، يعد السودان من الدول الرئيسية في منطقة افريقيا جنوب الصحراء التي تحظي بنسبة 50% من برامج المساعدات التنموية والانسانية التي تخصصها ايطاليا لبلدان العالم سنويا….. ما هى جهودكم فى هذا المجال؟
ج: كما اسلفت من قبل هناك تنسيق مقدر يبذل عبر برنامج الطوارئ الذى يقوم به التعاون الايطالى فى المناطق المتأثرة . بالنسبة للمساعدات الانسانية والامداد الغذائى نحن جزء من منظومة الاتحاد الاوربي والمجتمع الدولي وسنبادر بالدعم فور سماح السودان والاطراف الاخرى بوصول المساعدات الى مناطق جنوب كردفان والنيل الازرق ودارفور لمساعدة المتأثرين فى تلك المناطق.
يالاضافة الى ذلك , مساعداتنا لا تقتصر فقط على هذا الجانب بل نسعى عبر الاتحاد الاوربى للوقوف الى جانب الفئات الضعيفة فى المجتمع على سبيل المثال الاطفال والارامل والمعاقين وهكذا يمكننا ان نوازن بين المحظوظ الذى حصل على شى وغير المحظوظ الذى لا يملك شئ.

س: يلعب الاقتصاد دورا هاما فى علاقات الدول هناك اقبال كبير من الشركات الايطالية ورجال الاعمال في الاونة الاخيرة للاستثمار في السودان في مختلف المجالات اين يقف التعاون الاقتصادى والتجارى بين البلدين ؟ وما هى سبل تطويره؟
ج: كما اسلفت هناك العديد من الفرص والامكانات لم تكتشف بعد فى مجال التجارة والصناعة لدينا
استثمارات فى مجال السياحة بشرق السودان بورتسودان , مروي وكريمة كذلك لدينا عدد من الشركات الايطالية تعمل فى مجال الانشاءات منذ سنوات وفى مجال الاستيراد تاتى من ايطاليا الكثير من انواع الماكينات الزراعيىة والصناعيىة والاطعمة خاصة ماكينات الايس كريم. وفور تحسن الوضع فى السودان والغاء العقوبات الامريكية على السودان انا واثق ان هناك العديد من الشركات الايطالية لديها اهتمام كبير للعمل فى السودان و سيصبح وجودها فى السودان حقيقى وملموس.

س: شهدنا فى الاونه الاخيرة العديد الفعاليات التى تعكس بعض الجوانب الثقافية الايطالية من فنون ورياضية …. كيف يساعد ذلك فى تطوير العلاقات بين الشعبين فى السودان وايطاليا؟
ج: نعم الثقافة هى مهرجان وسوق كبير وبرائى تمثل دعامة اساسية فى العلاقات بين الدول , السودان يحب ايطاليا وكذلك ايطاليا تحب السودان وبينهما الكثير من القواسم المشتركة على سبيل المثال كلان ظل لفترة طويلة تسوده العديد من الاثنيات والاعراق المختلفة و كما الحال فى ايطاليا يمثل التنوع الاثنى ثروة وغنى اى انه يعنى الاندماج وبناء الجسور وتواصل الافراد مع بعضهم البعض . نحن نهدف من هذه الانشطة التقرب من الثقافة السودانية ومعرفة ما الذى يحبه السودانيون فى ايطاليا.

س: سبق ان اجريتم استبيانا فى اوساط الطلاب بجامعه الخرطوم عن رأيهم فى ايطاليا….. بماذا خرجتم من هذه الدراسة؟
ج: نعم اجرينا هذا الاستبيان فى سبتمبر – اكتوبر الماضي لمعرفة رأي الشباب فيما يحبونه عن ايطاليا وماهى الاشياء التى يفضلونها من المنتجات الايطالية وكانت النتائج ان بعضهم يفضل كرة القدم والبعض الطبخ او المذاق الايطالى واخرون فضلوا السينما والافلام الايطالية واللغه الايطالية والبعض يقول بل الدراجات والسيارات وهكذا نستطيع ان نعرف ما الذى يريده المزاج السودانى من الثقافة الايطالية.

س: هل هناك تعاون ثنائي بين البلدين فى المجال الاكاديمي والتدريب بين ايطاليا والسودان؟
ج: هناك بعض التعاون الاكاديمى بين جامعتي فينس وتورين فى ايطاليا وجامعه الخرطوم وجامعة المستقبل لكننا نطمح الى المزيد من التعاون لاناحة الفرصة لمزيد من المنح الدراسية وعلى سبيل المثال تم ابتعاث 10 من الدبلوماسيين لتلقي دورات تدريبية لمدة اسبوعين فى روما الشهر الماضى وقد عقد مؤخرا سمنار مهم حول الاثار بالتعاون بين جامعتي المستقبل وفينس تمت فيه دعوة خبراء واكاديمين من ايطاليا .ولدينا الان مشاورات مع جامعه الخرطوم لاتاحة الفرصة للمزيد من الكورسات لتعليم اللغه الايطالية.

س: ايطاليا بلد تشتهر بالاثار الرومانية التى وجد بعضها منذ قديم الزمان فى شرق السودان …. هل هناك تعاون بين الدولتين للاستفادة من خبراتكم فى مجال المحافظة على الاثار؟
ج: نعم هناك تعاون جيد جدا فى هذا المجال الذى يعتبر ذو اهمية كبيرة للسودان خاصة بالنسبة للسياحة و يزور خبراء من جامعه نابولى وفينيس وميلان كل عام ولمدة ثلاث اشهر خبراء اثار لعقد سمنارات وزيارات الى المناطق الاثرية فى مروى والبركل. وقد بعثنا مؤخرا المزيد من المعلومات لتنشيط التعاون مع السودان فى مجال الاثار.
س: قضية الاتجار بالبشر هاجس يؤرق الحكومتين السودانية والايطالية لما لها من آثار سلبية عديدة.

كيف يسير التنسيق بين الدولتين في هذا الشان؟
ج: بالتأكيد التنسيق والتعاون بيننا ضروري جدا وهنا نثمن دور السودان فى السنوات الاخيرة لمكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر عبر التعاون الثنائى وسن المزيد من القوانين الرداعه لها . ايطاليا تبذل الكثير من الجهد على مستوى العلاقات الثنائية مع السودان وكذلك عبر مجموعه الاتحاد الاوربي. و قدعقدنا سمنار فى وزارة الداخلية وذهبنا الى كسلا لزيارة معسكرات االلاجئين هناك ويجري الان عقد اتفاقية بين السودان وايطاليا حول سياسة حماية الحدود , تجري المفاوضات فيها بصورة حسنة ونتمنى ان تكلل بالنجاح ، نعرف ان الطريق مازال طويل ويحتاج الى المزيد من بذل الجهد المشتركة للقضاء على هذه الظاهرة الخطرة والضارة بالبشرية .

الخرطوم 12-5- 2016-(سونا)