تحقيقات وتقارير

ثورة الإنترنت .. (الوهم الخالص)


يرى باحثون أن الإنترنت و(المدونون تحديدا)كان لهم النصيب الأكبر في إسقاط الحكومات في ثورات الربيع العربي، وخاصة الحكومة التونسية، باعتبارها شهدت انطلاق شرارة الثورات العربية، حيث ساهم المدونون التونسيون في توفير تغطية مباشرة عن أعمال الشغب وأماكن التظاهرات، وعند إطلاعهم على محتوى تسريبات ويكيليكس اكتشفوا أن الأميركيين يشاركونهم الرأي في فساد رئيسهم وأسرته.
وقد شاهد العالم العربي الثورة التي أطاحت بالرئيس التونسي عبر قناة الجزيرة وقناة العربية اللتين كانتا تغطيان المظاهرات عن كثب. ولم تحظ أحداث تونس باهتمام كبير في وسائل الإعلام خارج منطقة الشرق الأوسط والمنطقة(الفرانكوفونية)وهي المناطق الناطقة بالفرنسية، فعندما اندلعت مظاهرات (سيدي بوزيد) كان تركيز المناطق الناطقة بالإنكليزية ينصب على عطلة عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة.

تلعب التكنولوجيا دوراً رئيسياً في الحركات الثورية الوليدة، حيث تتيح مواقع التواصل الاجتماعي الفرصة للثوار للتواصل وتبادل المعلومات والتعرف على القادة المحتملين، ولكن حسم تلك الثورات في نهاية المطاف هو نزول الجماهير للشوارع، ومخاطرتها بحياتها ضد قوات الأمن. ويبدي بعض الباحثين المتخصصين بالإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي تشككاً في قدرة تلك الأدوات على ذلك، أحدهم هو(يفجيني موروزوف) وهو مؤلف كتاب « الوهم الخالص «، والذي يرى أنّ فكرة ترويج الديمقراطية عبر الإنترنت هي مجرد وهم ومحض هراء.

وهناك أسباب عديدة لذلك في رأي « موروزوف « منها أن الأنظمة السلطوية تستخدم الإنترنت هي الأخرى، وتراقب البريد الشخصي وغيره من وسائل الاتصال والتواصل بين الأفراد للتعرف على أعدائها وترسل « متسللين « من طرفها للدخول على الإنترنت، للعمل كمخبرين وكمحرضين.
ويقول دويل مكمانوس في مقال له نُشر بموقع ( رأي نيوز ) بعنوان ( ثورة تونس… بالمتظاهرين وليس « التويتر « ) يقول: « سارع الغرب لتسميتهابـ» ثورة التويتر «، في إشارة إلى الدور الذي لعبه الإنترنت في إشعال شرارة ذلك الانفجار الديمقراطي، والذي يمكن أن ينتشر لأماكن أخرى. أما الآن، وقد هدأ الغبار، فإنه بات واضحاً أن الانتفاضة التونسية، مثلها في ذلك مثل كافة الانتفاضات، والثورات قد انطلقت بفعل ظروف محلية. والأهم من ذلك كله أنّ ( بن علي ) فشل في أول مهمة من مهام الديكتاتور، وهي تأمين ولاء القوات المسلحة. وهنا يمكن تقديم درس مفيد للثوار: « شيء جيد أن يكون لديك موقع للتواصل مثل ( تويتر )، ولكن الشيء الأفضل أن يكون لديك قوات مسلحة تقف لجانبك «.

والذي ينظر للثورات في السودان يرى أنّ من الأسباب الرئيسية لإنجاح هذه الثورات هو انحياز القوات المسلحة للجماهير الثائرة، وهذا ما تم تجسيده في الأغنية ذائعة الصيت: (يوم الجيش للشعب انحاز).
ويقول( جاريد كوهين ) الذي عمل في السابق كمستشار رئيسي لوزارة الخارجية الأميركية لشؤون» أجندة حرية الإنترنت «، الذي يقول: « ليس هناك شيء اسمه ثورة تويتر «.

ويعترف (كوهين): « بأنّ التكنولوجيا تلعب دوراً رئيسياً في الحركات الثورية الوليدة، حيث تتيح مواقع التواصل الاجتماعي الفرصة للثوار للتواصل، وتبادل المعلومات، والتعرف على القادة المحتملين، بيد أن حسم تلك الثورات في نهاية المطاف هو نزول الجماهير للشوارع ومخاطرتها بحياتها ضد آلات القمع «.
ويختم دويل مكمانوس بالقول: « ولكن الشيء الأكثر أهمية الذي يساعد على الترويج للديمقراطية، وحقوق الإنسان، وتأجيج الانتفاضات يبقى مع ذلك بعيداً عن مجال التقنية. ففي تونس، على سبيل المثال، كانت الشرارة هي ذلك العمل الذي أقدم عليه بائع خضار صاحب العربة الصغيرة (محمد البوعزيزي) عندما اضرم النار في جسمه، احتجاجاً على إهانة لحقت به، وكانت هي تلك الشجاعة التي أبداها آلاف المتظاهرين، والقرارات غير المعروفة حتى الآن التي اتخذها قادة الجيش، والتي جعلت الثورة ممكنة – وليس التويتر ولا الفيسبوك».

عبد الله مكي
صحيفة ألوان