عثمان ميرغني

سادتي .. هل لديكم (الخطة ب)؟


(52) من الشخصيات القومية المعروفة.. أعدوا ووقعوا على مذكرة تحت عنوان (المبادرة القومية للسلام والإصلاح) موجهة لرئاسة الجمهورية تطالب بـ (تشكيل حُكومة “مهام وطنية” من أهل الكفاءة المهنية والخبرة والأمانة، مع تمثيل رمزي للقوى السياسية لمدة عامين أو أكثر).
المذكرة أثارت ردود أفعال متلاحقة وما زالت.. غالبها تركز على مبدأ فكرة الدفع بمذكرة إلى الرئاسة أكثر من التحديق في مضمونها.. بل نشرت الصحف ردوداً استباقية من بعض قيادات حزب المؤتمر الوطني تعلن رفض المذكرة قبل أن يستبين الرد الرسمي من القصر الجمهوري عليها.
وفي تقديري أنّ أول فوائد المذكرة، هذا الحراك السياسي الذي أثارته.. فحتى التصريحات المُضادة هو نوع من الترويج لها وتوسيع نطاق التداول والتمعن في مضمونها.. ولكن..!!
قرأت المذكرة أكثر من ثلاث مرات ولم ألحظ أنها حوت فكرة جديدة.. فالدعوة إلى حكومة انتقالية (بمختلف المسميات والمهام) ظلّت مطروحة على الدوام ولسنوات خلت.. ومتوفرة في بعض توصيات لجان الحوار الوطني بل ومعها مطالب تجاوزت سقف الحكومة الانتقالية بكثير للدرجة التي أربكت حزب المؤتمر الوطني نفسه.
ربما أهم ما في المذكرة هو بريق الأسماء التي وقَّعت عليها.. وهم علاوةً على تمثيلهم لطيف فكري وسياسي ومجتمعي عريض فكلهم يُحظون بتقدير واحترام شعبي كبير.. ومن الصعوبة بمكان التماس ثغرة تطعن في نبل غاياتهم وقصدهم من المذكرة..
ومن هنا يطفر السؤال المنطقي أما كان لهذه العقول النيِّرة التي أنجبت المذكرة أن تستنبط حلاً خارج المعهود Out of the box من غير المتوفر بكثرة في السوق السياسي حالياً.. حتى تخرج المشهد السياسي كله من واقع (يوميات الأزمة) إلى فضاء (حل الأزمة).
ومع ذلك؛ لا أتوقّع أن ترفض الحكومة هذه المبادرة ولكني في المقابل أتوقع أن تطلب من موقعيها أو من يمثلهم أن يقدموها ضمن مخرجات الحوار مباشرة في مرحلة الجمعية العمومية..
هنا ستضرب الحكومة عصفورين بحجر واحد.. الأول؛ سيصبح – تلقائياً – أصحاب المبادرة جُزءاً من عضوية الحوار الوطني.. مما يرفع – أكثر – مقام عضويته ويثقل ميزانه السياسي.. ويبعث برسالة قوية لخارطة طريق أمبيكي مفادها (مزيداً من العقلاء والنبلاء يؤيدوننا وينضمون إلينا).
والثاني؛ هذا الإجراء – إيداعها منضدة الحوار الوطني – سيضع المبادرة في مأزق مُواجهة (توصيات مضادة) مثل توصية استحداث منصب رئيس وزراء.. وبكل يقين لن يقبل أعضاء الحوار الوطني منح المبادرة شرف إلغاء كل ما عكفوا عليه لأربعة أشهر وزيادة.
بكل هذه الحيثيات سيكون مُهمّاً أن نسأل أهل المبادرة.. في حال تعثرها من الخطوة الأولى.. أو في الخطوة الثانية.. هل لديكم الخطة (ب)؟
وسيرتفع حاجب الدهشة إذا كانت الإجابة (لا)..!!