حيدر المكاشفي

نحنا ماشين وين .. ونعمل شنو


قبل أن أقف ولا أقول أجيب عن هذا السؤال الكبير والمحير فعلاً (نحنا ماشين وين)، الذي أطلقه قبل يومين والي الخرطوم الجنرال عبد الرحيم محمد حسين، دعوني أعود بكم للوراء قليلاً لربط هذا السؤال (الخالف) بنظير له سالف كان قد أطلقه وزير مالية سابق، فسؤال الوزير السابق كان قد حمل ضمناً إجابة على سؤال الوالي الحالي، لجهة أنه حدد (نحنا ماشين وين) ولكنه للأسف لم يكن يملك الحل لتفادي (الانحنا ماشين عليهو دا)، فطرح سؤاله الكبير والمحير (نعمل شنو)، كان هذا الوزير الحائر قد أطلق سؤاله المحير بعد أن حار به الدليل هو وأركان حربه القائمين على أمر اقتصاد البلد وماليته إزاء الأزمة الاقتصادية والمالية المستفحلة، فلم يجدوا ما يفعلونه غير أن يسرفوا ويطنبوا في الحديث عن أسبابها، لم يتركوا سبباً مالياً ولم يغادروا سقماً اقتصادياً إلا أوردوه، ثم وقفوا وقفة حمار الشيخ في العقبة، لم يحدثونا ولو مجرد حديث عن أي ترتيبات لمواجهة هذه الأزمات، لا الراهنة ولا المرتقبة، فبدا الأمر وكأنه ليس خارج السيطرة فقط بل وخارج مسؤولية الحكومة، ثم ها هو اليوم والي الخرطوم يعود بنا القهقري إلى ما وراء الأزمة و(الأكمة) ويطرح سؤاله الكبير (نحنا ماشين وين)، هذا السؤال العريض الغويط طرحه الوالي بحسب صحيفتنا هذه (التغيير) في معرض انتقاده للتمدد الأفقي للعاصمة التي حاددت أو كادت عدة ولايات إلى جانب قضايا أخرى يحمد للوالي اعترافه بعجزهم عن حلها، ولا تثريب على الوالي إن اختص بسؤاله ولاية الخرطوم فتلك حدود مسؤوليته، حيث إن سؤال (نحنا ماشين وين) يتمدد بطول وعرض مساحة السودان، وسبق أن ردده الكثير من المراقبين بصيغة (إلى أين نحن مساقون) وليس (نحنا ماشين وين)، والفرق بين الصيغتين كبير..
عندما يسألك سائل سؤالين محيرين من شاكلة (نعمل شنو) أو (نحنا ماشين وين)، فذلك يعني أنه بلغ منتهى الحيرة ولا يدري ماذا يفعل وإلى أي جهة يسير، مع أنه للمفارقة هو من يفترض أن يوجه إليه السؤال، وظني أن هذين السؤالين رغم صعوبتهما الظاهرية إلا أن إجابتهما غاية في اليسر والسهولة، وتتلخص عندي كما عند الكثيرين في أن كل الذي نعانيه إنما هو تمظهرات ونتائج طبيعية للأزمة السياسية التي تكابدها البلاد بالأساس، ولن تزول أي مشكلة أخرى عرضية من غير معالجة الأزمة السياسية وتحقيق الوفاق الوطني والتعايش السلمي.