تحقيقات وتقارير

(المرحلة المتوسطة).. اكتمال استعدادات العودة


وفق منهج جديد عامر بالمعرفة..
• التخطيط لبناء (1513) ألف فصل جديد
• تخصيص (17500) معلم ومعلمة و(630) موجهاً تربوياً
• التكلفة الكلية لإعادة المرحلة المتوسطة بولاية الخرطوم (407) مليون جنيه
• طلابها سيشكلون (34%) من طلاب ولاية الخرطوم
• امتحاناتها ستجرى على مستوى الوحدة الإدارية
• إجماع كامل للمعلمين على أهمية عودتها
• دراسة علمية شارك فيها “يوسف المغربي ودفع الله الترابي ومحمد الشيخ مدني” وراء قرار العودة…
الخرطوم – عماد الحلاوي
تحسن كبير لاحظته السيدة “مريم الهادي” في مستوى القراءة والكتابة عند ابنها “أحمد” الذي أكمل عامه الأول بمرحلة الأساس بمدرسة الثورة الحارة الأولى بأم درمان، مقارنة بإخوانه الذين سبقوه في تعليم الأساس…
المعلمون في المدرسة أرجعوا ذلك للتغيير الذي طرأ على المنهج، حيث يعتبر “أحمد” ضمن أول دفعة أعدت للمرحلة المتوسطة بمنهج جديد ومختلف عن منهج الأساس، حيث أعيد تعليم القراءة والكتابة فيه إلى أسلوب التلقين والتهجئة… بعيداً عن أسلوب رسم الكلمات وقراءاتها…
وما بين التهجئة والرسم أكملت أول دفعة معدة للمرحلة المتوسطة عامها الدراسي، وشرعت وزارة التربية والتعليم في استعداداتها لقبول الدفعة الثانية.. وتنفذ وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم بدقة متناهية خطة عودة المرحلة المتوسطة والتي حدد لتكتمل رسمياً، ويجلس التلاميذ لامتحاناتها في العام الدراسي (2023 – 2024م)، وكانت بداية القبول للدفعة الأولى في السلم التعليمي الجديد (2015- 2016م)، وبمنهج جديد، وبدء عودة المرحلة المتوسطة (2021م – 2022م)، أي (بعد ست سنوات من قبول الصف الأول).
وتؤكد وزارة التربية والتعليم إلى أن انفصال المرحلة المتوسطة سيكون بأقل التكاليف وبجودة عالية لتلافي سلبيات الماضي، وفق منهج مدرسي جديد عامر بالمعرفة التي تظل عالقة بالذهن على مر السنين.. (صديقنا منقو – وجدنا الكنز وجدناه – الغراب النبيه – درس العصر – طابور الصباح – النضافة يوم السبت والثلاثاء)، وتتضمن خطة الوزارة لتطبيق المرحلة المتوسطة إلحاق روضة حكومية بكل مدرسة أساس قبل تنفيذ المرحلة المتوسطة، في ظل وجود(20) ألف مدرسة وأكثر من (6) ملايين طالب.
أصل الفكرة
وفي بداية العام 1902م افتتحت عدد من المدارس الأولية وكان عددها قليلاً، وأنشأت مصلحة المعارف مدرسة تسمى (مدرسة العرفاء) ومدة الدراسة فيها كانت ثلاث سنوات، ويقبل فيها عدد محدود من الذين أكملوا المدرسة الأولية وأمضوا عدة سنوات في الحياة العملية وأصبحوا ناضجين وكان يقبل فيها أيضاً عدد محدود من حفظة القرآن من الذين درسوا بالخلاوى النظامية.
وكانت (العرفاء) تتبع لـ(كلية غردون) ويعين خريجوها معلمين بالمدارس الأولية.
وانتهج السودان، نظام السلم التعليمي بعد إنشاء (كلية غردون التذكارية) كمدرسة ثانوية لتخريج طلاب للعمل في وظائف محددة بدواوين الحكم الإنجليزي، ومن حينها انطلق نظام السلم التعليمي، وظل هذا النظام حتى العام 1970م وحل محله نظام (6-3-3) (ابتدائي، متوسط، ثانوي)، مع نداء المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم لتوحيد السلم التعليمي في الدول العربية.
وعقب انعقاد المؤتمر القومي الأول لقضايا التعليم في سبتمبر- 1990م، تم تعديل السلم (6-3-3) باعتماد السلم التعليمي (8 -3) (أساس، ثانوي)، وطبق فعلياً في العام 1995م.
وتوقع المشرف التربوي “إسماعيل عبد الصادق” أن يأتي الأثر الإيجابي الذي يحدثه الانتقال إلى المرحلة المتوسطة بالنسبة للتلميذ وتجاوز كل السلبيات التي صاحبت السلم التعليمي (8-3) وما ترتب على ذلك من إخفاقات تربوية وأكاديمية وسلوكية، ممثلة في الفصل التام بين الأطفال صغار السن والأطفال في طور المراهقة الأولية، وتلافي المخاطر السلوكية لوضع تلاميذ في أعمار متباينة في مدرسة واحدة، وتحديد ميول التلميذ التعليمية في المسارات الأكاديمية المختلفة أو الفنية الأخرى لزيادة الخبرات والمهارات لدى التلميذ حسب ميوله.
ويشير “إسماعيل” إلى أن بعض الدول العربية التي سبقتنا في هذه التجربة منها دولة “الكويت”، حيث كانت تعمل بنظام (8-3) وانتهجت مؤخراً للنظام التعليمي (6-3-3) حتى يتسق نظامها التعليمي مع دول التعاون الخليجي.
مفهوم التعليم الاساسى
وأبان الخبير التربوي الدكتور “حسن صالح محمد علي” أن التعليم الأساس يشكل مرحلة التعليم الأولي التي تكفل للطفل التمرس على طريقة التفكير العلمي السليم وتؤمن له حداً أدنى من المعارف والمهارات والخبرات التي تسمح له بالتهيئة للحياة وممارسة دوره كمواطن منتج، كما أنه يمثل الحد الأدنى من التعليم الذي تؤمنه الدولة لكل فرد فيها، وفق تعريف الإستراتيجية القومية الشاملة (1992م – 2002م) لمفهوم التعليم الأساس.
من أبرز الدول العربية التي تنتهج تعليم الأساس وتعمل به (الأردن – الجزائر – مصر) وفي “كوبا” كانت تجربة التعليم الأساس عبارة عن توجيه التلاميذ نحو الريف ومشاركة الصغار من خلال الدراسة في الإنتاج الاجتماعي. أما في دولة مالي فتتجه نحو توجيه المدرسة نحو التدريب المدني والمهني وإعداد الأطفال – وفي “أسبانيا” فتتجه إلى تقليص الحواجز بين المواد الدراسية في الحلقة الأولى من تعليمها الأساسي وفي “تنزانيا” يستمر التعليم لمدة سبع سنوات.
وقال “صالح” إن الدمج الذي حدث نتيجة قرارات العام 1990م والتي نتج عنها سلّم تعليمي (11) عاماً فأصبح السودان لا يواكب الدول حوله، وبمقارنة السلم التعليمي في السودان و(24) دولة وجد أن كل الدول تخضع لسلم تعليمي (6+3) عدا دولتي “يوغندا” و”كينيا”.
على الرغم من أنّ هذا السلم التعليمي اختصر مرحلتي التعليم الوسطى والأساس في مرحلة واحدة، مدتها ثمان سنوات، واختصرت سنواته الـ(12 إلى 11) عاماً، بجانب إسهاماته في زيادة العمر الإنتاجي بتوفير عام من أعوام الدراسة العامة، إلا أنّ أبرز عيوب هذا النظام أنه لا يتسق والمعايير الدولية، وصاحبت تطبيقه مجموعة من الإخفاقات، فجاءت توصيات الخبراء والمختصين التربويين ضمن فعاليات المؤتمر القومي للتعليم في فبراير 2012م بإضافة عام جديد يوحد منظومة التعليم العام السوداني مع بقية دول العالم، فجاء قرار وزارة التربية والتعليم «الاتحادية» في 28 أبريل 2014م بإضافة العام إلى مرحلة الأساس كتمهيد لعودة المرحلة المتوسطة.
وأشار مدير المركز القومي للمناهج والبحث التربوي البروفيسور “الطيب حياتي” في حديثه لـ(المجهر) إلى أن هنالك دراسة علمية تربوية من (1000) صفحة، اشترك في إعدادها (39) باحثاً و(118) من خبراء التربية أبرزهم الأساتذة “يوسف المغربي ودفع الله عبد الله الترابي والأستاذ محمد الشيخ مدني”، فيما يتعلق بإضافة سنة دراسية وإرجاع المرحلة المتوسطة.
وأكد أن إضافة عام تزيد من قدرات الطالب التحصيلية واكتساب المهارات الأساسية (القراءة –الكتابة والحساب)، مشيراً إلى أن طلاب التعليم العام يمثلون (73%) والثانوي يمثلون (27%)، إضافة إلى أن رفع الحد الأدنى للتعليم الأساس يتسق مع توصية (اليونسكو) والنظم التعليمية في معظم دول العالم.
وقال البروفيسور “حياتي” إن امتحانات المرحلة المتوسطة ستجرى على مستوى الوحدة الإدارية لا على الولاية ولا المحلية لعوامل تربوية ونفسية.
الاستعدادات
وتوقعت وزارة التربية بولاية الخرطوم أن تبلغ التكلفة الكلية لإعادة المرحلة المتوسطة (407) مليون من الجنيهات، وأن يصل عدد الطلاب المقبولين بالمرحلة المتوسطة حال اكتمالها إلى أكثر من (200) ألف طالب وطالبة، أي ما يعادل (34%) من طلاب الولاية، إضافة إلى بناء (1513) ألف فصل جديد.
ويسبق ذلك في العام الدراسي 2020-2021م، فصل الحلقتين جغرافياً بحائط داخل المدرسة الواحدة، تنتهي أولها بالصف السادس، وتبدأ الحلقة الأخرى من الصف (السابع) وحتى (التاسع).
وسيكون معلمو المرحلة المتوسطة القدامى الذين ما زالوا بالخدمة بمرحلتي (الأساس) و(الثانوي) ومعلمو الصفين (السابع) و(الثامن) أساس بعد الرجوع إلى ملفاتهم والتحقق وسنوات الخبرة، هم من يقومون بالتدريس، فضلاً عن تعيين معلمين تخصص مواد بشروط خدمة ومؤهلات معينة، حيث إن المرحلة المتوسطة تحتاج إلى (17500) معلم ومعلمة و(630) موجهاً تربوياً.
إعداد المعلمين
وتواجه وزارة التربية بعض الصعوبات في توفير المعلمين المدربين لمدارس المرحلة المتوسطة، لذلك شرعت الوزارة في تدريب بعض المعلمين خاصة غير المتخرجين من كليات التربية، في ثلاث من المواد الرئيسة (اللغة العربية – الانجليزية – الرياضيات – الجغرافيا – العلوم الطبيعية)، وتكون التأهيلية التدريبية على ثلاث فترات، تكرس الفترتان الأولى والثانية للدراسات النظرية، وتخصص الفترة الثالثة للتعرف إلى مناهج المرحلة المتوسطة وطرائق التدريس ودروس المعاينة بمدارس التمرين والتدريب العملي، حيث تستمر فترة التدريب لمدة 5 أسابيع يقوم المتدربون فيها بالتدريس تحت إشراف المختصين، بكل معاهد تدريب معلمي المرحلة المتوسطة في كل من أم درمان، وعطبرة والأبيض والمسلمية وبورتسودان.
وألزمت الوزارة المدارس الخاصة بالتصديق بـ(1405) مدرسة متوسطة (خاصة) وتوفير (11240) معلم ومعلمة، وأن تطبق على مدارس المرحلة المتوسطة الخاصة وفق مواصفات المدارس الثانوية المشترط عليها في قانون تنظيم التعليم الخاص بالولاية.

المجهر