الصادق الرزيقي

الفرصة الأخيرة


> حسب إفادات جبريل إبراهيم لــ «سودان تربيون» ونقله ايضاً عن مني أركو مناوي حول ذهابهما للدوحة للتشاور مع الوسيط القطري ومواصلة ما بدأ من اتصالات تمت في يناير الماضي في باريس، فإنه ببساطة لا يمكن تصور أن تقبل قطر بالرؤية التي يطرحها جبريل ومني أركو مناوي قبيل الاجتماعات المزمعة التي مؤداها النهائي خلط الدور القطري وإقحامه في بقية الملفات والقضايا الأخرى المتعلقة بتسوية الوضع في المنطقتين «جنوب كردفان والنيل الأزرق» وما يسمى الحل السياسي الشامل للأزمة السودانية. > ولن تنساق الدوحة وراء الأفكار التعجيزية التي طرحها من قبل وفد الحركة الشعبية قطاع الشمال في الجولة الثانية من المفاوضات في أديس أبابا، الداعية لمناقشة كل القضايا القومية في المنبر التفاوضي، فما يطرحه جبريل إبراهيم اليوم قبيل سفره للدوحة، هو محاولة استنساخ ذات المواقف السابقة للحركة الشعبية قطاع الشمال عندما وجدت نفسها في مسار تفاوضي منفرد في أديس أبابا اختارت الذهاب إليه وحدها دون سربها في الجبهة الثورية، وأرادت يومها خداع حلفائها بأنها لا تقبل إلا بالتفاوض حول كل قضايا السودان ومشكلات القومية، وكانت في داخل الغرف المغلقة تناور وهي تسعى للتوصل إلى صيغ شراكة سياسية ثنائية مع الحكومة حول المنطقتين. > جبريل إبراهيم ورفيقه مني أركو مناوي وهما ذاهبان نهاية هذا الشهر إلى الدوحة، يقفان عند ذات الجرف الهار الذي وقف عنده من قبل قادة قطاع الشمال، لقد اخترطا لحركتيهما طريقاً منفرداً للتسوية السياسية عبر الدوحة هذه المرة، ويمارسان ذات اللعبة بالادعاء بأنهما سيطرحان القضايا القومية وما يسميانه الحل السياسي الشامل لكل قضايا السودان ومشاركة كل القوى السياسية المعارضة في التحرك القطري الحالي، ولن تنطلي هذه اللعبة على أحد، خاصة إن كان هناك من لعبها قبلهما ولم تأت بنتيجة، وما سبب تصدع الجبهة الثورية وكل التكوينات والتحالفات المعارضة إلا محاولة الوصول إلى الهدف عن طريق الخداع، فهم يكذبون على بعضهم البعض، ويتسابقون لمصالحهم الخاصة من وراء ظهور بعضهم ويتخادعون في ما بينهم، وتكون النتيجة في نهاية الأمر.. نتيجة صفرية!! > لا يظنن أحد أن دولة قطر التي تتولى ملف الوساطة في قضية دارفور بكفاءة عالية وقد حققت نجاحاً منقطع النظير بانت نتيجته في تعافي دارفور، ونجاح وثيقة الدوحة وتطبيق كل محاورها على الأرض وتجاوب المواطنين معها حتى نهاية أمد السلطة الانتقالية وقيام الاستفتاء الإداري، يمكن أن تقحم نفسها في ملف تفاوضي آخر يجري في أديس أبابا ويتولاه الاتحاد الإفريقي عن طريق آلية رفيعة المستوى يقودها الرئيس الجنوب إفريقي السابق ثامبو أمبيكي ومعه عدد من الرؤساء الأفارقة السابقين وفريق متخصص من المساعدين والخبراء عينتهم المفوضية الإفريقية. > قطر تعلم قبل غيرها تعقيدات الملف التفاوضي في أديس، وتعلم أكثر.. صعوبة انفتاح منبر الدوحة التفاوضي وفتحه على كل قضايا السودان الأخرى، فهي لن تفسد نجاحها في ملف دارفور، بالانغماس في وحول القوى السياسية المعارضة ومزايداتها ومناوراتها التي لا تنتهي، فالرهان في ملف دارفور كان على أهل المصلحة وعلى القضية الواضحة المعالم التي تمت مخاطبتها عن طريق وثيقة الاتفاقية، وهي وثيقة جامعة واضحة المعالم محددة الإطار والأهداف والغايات والآليات. > في أحسن تقدير ما صدر من تصريحات لجبريل وحركة مناوي بشأن الاجتماعات المزمعة في الدوحة نهاية هذا الشهر، هو ذر للرماد في العيون ومن أجل الاستهلاك الإعلامي، ومحاولة للتعمية على رغبتهما الحقيقية وتلهفهما المحموم حتى يلحقان ما يمكن لحاقه، ويتم تسريع الوصول لحلول في إطار ملف دارفور مع الحكومة تحت الرعاية القطرية، فهدف جبريل ورفيقه مناوي، هو الإبقاء على خطوط رجعة إلى قن المعارضة إذا لم يجدا في الدوحة ما يرغبان فيه من تسوية واتفاق. > الظروف الضاغطة على حركات دارفور المتمردة، تجعلها تبحث في فم البقرة عن أي طوق نجاة، فالرهان على استثمار الوضع في ليبيا والحصول على دعم من بعض أطراف الأزمة الليبية حتى تعاد الكرة من جديد، رهان أثبت خسراناً كبيراً، كما أن الوضع المتحسن في ولايات دارفور وقدرة الحكومة على كسر شوكة التمرد وهزيمته وتمزيقه وطرده من مناطق وجوده وانهيار الحركات بالكامل مثل العدل والمساواة التي فقدت 90% من قوتها القتالية في معارك قوز دنقو العام الفائت، جعل كل هذه المجموعات المتمردة تبحث لها عن مخرج وحل واتفاق.. في الفرصة الأخيرة .