منى ابوزيد

لا ضرر ولا ضرار ..!


«لا يقوم علمكم بجهلكم».. عمر بن الخطاب ..!
على منهج (رب أرني كيف تحيي الموتى) وعلى طريقة “كيف” وليس “هل”، ودونما أدنى مساس بمبدأ الإباحة من عدمه، ألا يحق لنا أن نتساءل عن موقف فقهاء السودان من نهج فقهاء وعلماء مسلمين آخرين استدلوا بـ (شرعية منع الباحات للمصلحة)، وقالوا إنه إذا ثبت بالتطبيق أن في استعمال المباح ضرر على الناس أو على أكثرهم، وجب منعه بناء على قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) ..؟!
وعليه فإن أثبت الخبراء والمختصون من أهل الطب والعلم أن الختان يضر بالإناث ضرراً مؤكداً أو (مرجحاً) وجب إيقاف هذا الأمر، ومنع ذلك المباح، سداً للذريعة ؟! .. أولم يقل ابن قدامة في (المغني) إن الختان واجب على الرجال ومكرمة في حق النساء، لكنه ليس بواجب عليهن؟! .. وقد قال القرضاوي في ذلك (إن ما يعتبر مكرمة في عصر أو قطر قد لا يعتبر كذلك في عصر أو قطر آخر، فالمؤثرات الثقافية على الإنسان تتغير من عصر إلى عصر، وفي عصرنا هذا يعتبر الأطباء ختان الإناث عدواناً على جسد المرأة) ..!
القائلون بوجوبه يستدلون بقول الرسول صلى الله عليه وسلم لامرأة كانت تختن بالمدينة (أشمِّي ولا تنهكي)، أوليس هذا الحديث (ضعيف)، وقد صححه الألباني لاحقاً لتعدد رواته ؟! .. ثم بافتراض كونه حديثاً صحيحاً، أوليس الأمر فيه أمر إرشاد من رسول الله إلى الخاتنة بشأن تدابير أمر دنيوي هو ختان الإناث، وهو على هذه الكيفية، دليل جواز وليس دليل وجوب ؟!
القائلون بوجوب ختان الإناث يستدلون – أيضاً – بحديث ضعيف الإسناد، أمَّن الشيخ الألباني على ضعفه هو (الختان سنة للرجال مكرمة للنساء)، إنما بافتراض صحته، هو يعني استحسان الختان باعتباره مكرمة، ولا يعني (الوجوب) أبداً ..!
عموم الفقهاء أجمعوا – ضمنياً – على جواز ما يسمى بـ (ختان السنة)، ومنهم من قال بوجوبه واستحبابه، ومنهم من قال إن جوازه موقوف على توافر بعض الشروط التي يحرم ختان الإناث في غيابها ..!
فاشترطوا أن تكون عملية الختان على أيدي المختصين الثقاة من الأطباء .. وأن يكون مكانها مجهزاً تجهيزاً طبياً بما يكفل سلامة الفتاة في حال حدوث أي طارئ .. وأن يتم تحري الدقة والمهارة .. إلخ ..
وهي – كما ترى – شروط يستحيل توافرها – تقريباً – في كل بقاع السودان، بهناته وزلاته الصحية التي نعرف .. وتحت المظلة الشرعية التي تبيح المبدأ لسوف تختبئ عمليات الختان الفرعوني المحرم، فالكثيرات من النساء يكذبن على الرجال ثم يعثن الفساد خلف الأبواب المغلقة ..!
ويبقى السؤال الأهم، كيف سكت بقية علماء المسلمين عن غياب ختان الإناث في بلادهم، إن كان بعضه واجباً .. ولو كان واجباً لماذا لا يعلمون به في بلاد الحرمين الشريفين؟! .. الختان عادة ذميمة برتبة جريمة ..!