يوسف عبد المنان

استراحة العيون


من اليوم (الاثنين) تستريح العيون قبل القلوب من سحر كرة القدم وجمالها الأخاذ.. وبريقها وتشويقها.. وقد انقضت الدوريات الأوروبية جميعاً وحصدت الأندية الكبيرة الألقاب وسقطت أخرى من قطار الأندية الممتازة.. ولم يتبقَ من الموسم الكروي الأوروبي إلا مباراتان فقط على مستوى المسابقات الأوروبية وبعض مباريات الكؤوس التي لا تمثل قيمة تذكر في سباق حصاد البطولات، أمس الأول (السبت)، كان السباق بين أثرياء أسبانيا وملوكها والأرستقراطيين ممثلين في ريال مدريد ومنافسه برشلونة الذي يمثل المهمشين والمنطقتين.. حيث لأسبانيا أيضاً منطقتان تتنازعان مع المركز في مدريد مثل السودان.. حيث صراع المنطقتين جبال النوبة والنيل الأزرق مع الحكومة المركزية.. بيد أن الفارق في الصراع هو فارق حضاري وثقافي بين إقليم كاتلونيا الذي يمثله فريق برشلونة وإقليم الباسك الذي يمثله “أشبليه” وأتلتكيو “بلباو” يتخذ من الاحتجاج والتظاهر والمطالب السلمية والسلوك الديمقراطي وسيلة للتعبير عن الرغبة في الانفصال عن المملكة الأسبانية والتي هي الأخرى لا تستخدم العنف في مواجهة الكاتلونيين والباسيكيين تأخذهم بالرأفة والمودة ومنحهم حقوقهم كاملة غير منقوصة.. أما حالنا هنا فأنت أيها القارئ تعلم أدوات الصراع المستخدمة والعنف المادي الذي يسود والعنف اللفظي الذي يخيم على خطابات السودانيين.
انتهت مباريات (السبت) الكروي بتتويج برشلونة بالدوري الأسباني بعد تنافس حتى الدقائق الأخيرة مع الريال الذي (قطع) أنفاس برشلونة.. وانتهى الدوري أو الليغا الأسبانية وتركت لعشاق المستديرة (فراغاً) عريضاً والعزاء أن الأسبوع الجاري سيشهد واقعة في مدينة بازل السويسرية بين كبير الإنجليز الذي شاخ وضعف ووهن وتساقطت أنيابه ليفربول.. وفريق أشبيلية الأسباني في السباق نحو الكأس الأوروبية الثانية (اليوريا ليغ) والتي تؤهل الفائز بها للحاق بدوري أبطال أوروبا النسخة القادمة بعد أن ذهبت الكأس الحالية إلى مدينة مدريد ويتنافس عليها في مباراة الثامن والعشرين من مايو الجاري الريال واتلتيكو في واقعة ينتظرها العالم من جبال الهملايا إلى جبال الألب.. ومن جذر الكناري إلى جزر القمر في شرق أفريقيا من يظفر باللقب هذا العام.. وقد حسمت الدوريات الأوروبية في ألمانيا تبرع بايرن ميونخ وهو فريق إقليمي ليس من العاصمة مثل فريق باريس سان جيرمان الذي تحتكر الليغا الفرنسية بفضل الأموال القطرية التي تم ضخها في أوروبا.. وأخذ أمراء العرب وأبناء الملوك يتنافسون على شراء الفرق الأوروبية الكبيرة مثل شراء “منصور بن زايد آل نهيان” لنادي مانشستر الإنجليزي وضخ أموال جعلته يفوز بالدوري الإنجليزي العام الماضي، لكن الأندية الألمانية ترفض بيع نفسها للأثرياء العرب وتحتفظ بهيبتها ووقارها وعنفوانها.. وزهوها بنفسها وإحساسها بالتميز عن الآخرين.. ومن المفارقات الكبيرة أن أغلب الأندية الإنجليزية اليوم قد تم بيعها إلى المستثمرين الأمريكان والروس وأخيراً دخلت سنغافورا في السوق بشراء مستثمر سنغافوري لنادي وست هام الإنجليزي وشراء المصري “محمد الفايد” لنادي أستون فيلا، وأيضاً فازت السيدة العجوز “جيفنتوس” بالبطولة الإيطالية للمرة الثالثة على التوالي وهي العجوز الوحيدة التي تستطيع قهر الشباب والشابات.. وبقدر ما يمثل برشلونة وباريس و”جيفنتوس” وبايرن ميونخ القوى التقليدية في بلدانها، فإن فريق ليستر سيتي الذي فاز بالدوري الإنجليزي يمثل القوى الحديثة الصاعدة في كرة القدم العالمية والإنجليزية.. وبإطفاء شموع أوروبا تستريح العيون من بريد السحر مؤقتاً حتى اليوم الرابع من (رمضان) حيث تبدأ بطولة أوروبا في فرنسا.
وتستمر حتى العاشر من (يوليو) القادم قبل أن تدور عجلة كوبا أمريكا.. رغم أن وكلاء القنوات التلفزيونية التي تنقل المباريات قد ضاعفوا أسعار الاشتراكات وبات صعباً على الفقراء والمساكين حتى مشاهدة مباريات كرة إلا في أندية المشاهدة التي يفسدها (مدخنو) الشيشة الذين يسيطرون على تلك الأندية ويحرمون الراغبين والباحثين عن مشاهدة نظيفة خلال شهر (رمضان).