مقالات متنوعة

نجل الدين ادم : هل حقق اتفاق (سلفا- مشار) سلاماً حقيقياً؟!


توقعت أن تهدأ الأوضاع في دولة جنوب السودان بمجرد عودة الدكتور “رياك مشار” وصحبه إلى جوبا للمشاركة في الحكومة بعد المصالحة التي تمت بينه ورئيس دولة جنوب السودان الفريق “سلفاكير ميارديت”، وتسلّم السيد “مشار” منصبه نائباً أول، وتشكيل الحكومة وفق الاتفاق الذي تم، لكن للأسف فإن قوة متمردة جديدة تحت مسمى (انقذوا الوطن) ظهرت عشية وصول “مشار” إلى جنوب السودان ونفذت عمليات عسكرية وسيطرت على بعض المواقع.
أي اضطراب في الأوضاع في جنوب السودان دائماً ما ينعكس علينا في السودان سلباً وبصورة مباشرة، لأن وجهة الذين يهربون من ويلات الحرب تكون السودان، فيتحمل عبء استقبال كل الفارين وتمتلئ معسكرات اللجوء، ويدفع السودان أعباء استضافة هؤلاء الوافدين، لذلك فإن السودان يكون الأحرص على استقرار جوبا حتى لا يضار من إفرازات الحرب، والاضطراب في جوبا، وكما شهدنا، يعني توقف أحد الشرايين وهو البترول الذي يستفيد السودان من رسوم عبوره.
الآن تشكلت الحكومة، لكن شكل المعارضة هناك يمضي في تمدد معارضة سياسية وبالسلاح، والشاهد على ذلك ما نطالعه في الوكالات كل يوم بظهور مجموعة مسلحة.. يوم أمس، توقفت عند التصريح الذي أدلى به القيادي الجنوبي المعروف “مكواج تينج” من نيروبي الذي أوردته صحيفة (الصيحة) وهو يقول: (السلام لن يصمد وسنحارب حكومة سلفاكير)، و”مكواج” هذا كان ضمن منظومة الحكومة في جوبا في يوم من الأيام لكنه سخط على “سلفاكير” و”مشار” على السواء، وهو يعدّ الأخير تجاوزهم بعد تثبيت بعض المكاسب الخاصة.. تصريحات متواترة من القيادات الجنوبية كلها تعزف على وتر أن السلام الذي تم لم يكن شاملاً.
أتوقع بحجم هذا الوضع الماثل أن تكون تداعيات هذه المعارضة الجديدة لحكومة “سلفاكير” أكثر اتساعاً سيما إذا لم يتم التعامل معها بمستحقها.. سخط هؤلاء القيادات الجنوبية بالتأكيد لم يأت من فراغ لأنهم استوعبوا أن اتفاق السلام الذي تم لم يكن إلا محاولة من الطرف لكسب وضع جديد أو المحافظة على المكسب كما هو حال الرئيس “سلفاكير”. كان بإمكان الشريكين أن يتداركا هذه المعضلة، ويعمدا إلى تحقيق سلام شامل يستوعب الجميع ويعالج كل المشكلات.
رغم هذه الحالة الضبابية جراء الاضطراب الواقع الآن إلا أن الفرصة ما تزال مواتية لمعالجة هذه الإشكالات التي يمكن أن تقود إلى أوضاع أسوأ.. على الرئيس “سلفاكير” أن يلتفت إلى هذه الأصوات وأن يستمع ويصغي إليهم جيداً، حينها يمكن أن يضع حداً لما انفرط من عقد، ويستقر الجنوب، ويرتاح السودان من تداعيات الأوضاع فيه.. والله المستعان.