الطاهر ساتي

ليست الأغلى ..!!


:: أحد البحارة يرثي حال الباخرة بالنص : ( عندما تترك شركة باخرتها في عرض البحر في حالة إظلام وتتوقف ماكيناتها، فهذا يعني أن الشركة انتهت)، ثم يسهب الأخ شوقي عبد العظيم، باليوم التالي، في الرثاء نقلاً عن البحار بالنص : ( تعود تفاصيل الحادث إلى أن طاقم الباخرة طلب ميزانية للوقود حتى تبقى الباخرة مضاءة وماكيناتها تعمل، إلا أن الجهة المسؤولة منحتهم ما يوفر لهم (15) طن وقود، ولما طلبوا ميزانية أخرى تجاهلتهم الشركة، والجهة المسؤولة لا تعلم أن هذا التصرف مضر بسمعة الشركة أولا، وقد يتسبب في أضرار بالغة حال ارتطمت بها باخرة أخرى وهي مظلمة).. هكذا يرثون الباخرة دهب..!!
:: ونأمل ألا تتحول الباخرة دهب إلى ( أيقونة رثاء)، فالشركة فقدت ما هي أعز وأعظم .. ثم أن الباخرة دهب غير جديرة بالرثاء ولا تستحق (دمعة وداع)، إذ كانت آخر حلقات الفساد واللامبالاة واللامسؤولية بشركة سودانلاين .. قبل عام ونيف، بعد التخلص من ثاني أعظم أسطول بإفريقيا والعالم العربي، إحتفلوا بهذه الباخرة في ميناء بورتسودان.. رئيس البرلمان، والي البحر الأحمر، وزير النقل، وزير الدولة بالمالية، رئيس لجنة النقل بالبرلمان، معتمد سواكن وآخرين، حشدوا أنفسهم وإستنفروا سادة شركة الخطوط البحرية السودانية بمناسبة حفل تدشين ( الباخرة دهب)..!!
:: والباخرة دهب التي قد تتحول إلى ( أيقونة رثاء)، إحدى مخلفات الملاحة المصرية،ولم تكشف شركة سودانلاين عن عمرها الحقيقي في الإحتفال .. ولكن قبل بيعها كان المقترح بمصر هو تحويل هذه الباخرة الأثرية إلى أكاديمية عائمة لتدريب الطلاب. نعم، هكذا اقترح الشاذلي النجار، الأمين العام للمهندسين والظباط البحريين بمصر، والمصدر ( الموجز، 20 مايو 2013).. ثم لم تكشف شركة سودانلاين عن قيمة الشراء، ولكن الصحافة المصرية تحدثت عن مبلغ (4 ملايين دولار)، ويتم السداد بالتقسيط، والمصدر ( اليوم السابع، 15 يونيو 2013..!!
:: وعليه، السلطات المصرية هي التي كشفت لصحافتها قيمة الشراء ( الباخرة دهب)، ولولاها لذكرت سودانلاين القيمة على طريقة الشفافية السودانية : ( اشتريناها بسعر ممتاز)، أو كما قالت عندما سألتها هذه الصحيفة عن قيمة بيع آخر باخرتين (دافور والنيل الأبيض)، إذ قالت : ( بعناها بسعر ممتاز).. والمؤسف، رغم وصول هذه الباخرة التاريخية – دهب – إلى ميناء بورتسودان منذ عام ونيف، ورغم إحتفال السادة بتدشينها، لم ينزل عن ساريتها العلم المصري ليزينها العلم السوداني، ولم يترجل عن قيادتها الطاقم المصري رغم كفاءة ومهارة الطاقم السوداني ، إلا قبل أشهر من يوم هذا الحال الموصوف في (المراثي)…!!
:: ثم أن الباخرة دهب ( أيقونة الرثاء)، حمولتها حسب تصريح إدارة شركة سودانلاين ( 800 راكب)..ولكن للأسف، منذ وصولها إلى ميناء بلادنا وإلى يوم الإحتفال والرقص والطرب حولها، لم تحمل على متنها أكثر من ( 200 راكب).. لماذا ؟..فالإجابة بطرف الذين إحتفلوا بها، ولن يعترفوا بأن ( سوء الإدارة هو السبب).. والمحزن، عادت الباخرة دهب إلى ميناء سواكن من ميناء جدة ذات يوم – عبر رحتها رقم ( 48)، بتاريخ 13 ابريل 2014- براكب واحد فقط لا غير .. نعم، عادت من جدة براكب واحد فقط لاغير( رجع بالكشة)..ومع ذلك، تباهوا في الإحتفال بحمولتها ذات السعة ( 800 راكب)، وكأن الحمولة هي التي تدير البواخر وليست العقول..فلتغرق الباخرة دهب، فهي ليست أغلى من ثاني أعظم أسطول إفريقي وعربي تم تدميره ب(إمتياز)، بل هي إلا إحدى مخلفات الأسطول المصري و بعض خيبات ( الوقع الغريق) ..!!