تحقيقات وتقارير

زواج جماعي.. معزوفات شعبية.. مسرح متجول.. تكريم أبطال قطر


ثمة خواطر كثيرة، ارتكنت في أذهاننا، ونحن نغادر الخرطوم، صوب محمية الدندر الاتحادية، لنشارك شرطة حماية الحياة البرية، في الاحتفال بيومها العالمي. ومن بين تلك الخواطر، سماع زئير الأسد، ملك الغابة، وهو يفترس غزالة، تمرح في وداعة حالمة. ومشاهدة أسراب الغزال المتنوعة بين مسمياتها المختلفة؛ التيتل والكتنبور والباشمات، وهي تتجول بين بحيرات المحمية. بجانب أمتاع أنظارنا بــ270 نوعاً من الطيور، التي تحلق في الفضاء، ومن أهمها البجع الأبيض، الذي يهرب من صقيع أوربا، لشمس أفريقيا الدافئة، فما وجد ملاذاً كالمحمية. فضلاً، عن رؤية الأسماك وهي تتقافز في محاولة لكشف ما يدور خارج الماء. وكنا أكثر شغفاً منها.
وصلنا معسكر قلقو السياحي، في الواحدة والنصف صباحاً. وما أن أشرقت شمس اليوم الثاني، المصادف الخميس، من الأسبوع الماضي، حتى نهضنا، فمن ضمن البرنامج الموضوع، الطواف على بعض نواحي المحمية.
* فكرة تطوير
أثناء طوافنا، تحدث إلينا اللواء شرطة “سند سليمان” مدير الإدارة العامة لحماية الحياة البرية، فأحاطنا علماً بموعد إنشائها في العام 1935م، ومضى إلى أن المحمية تعتبر إحدى أهم المحميات الطبيعية في العالم، وأضاف في حسرة، بانت على تقاطيع وجهه: (سبعة شهور في العام، نحن لا نستفيد من المحمية)، أيّ فترة الخريف، وللتغلب على هذه المعضلة، اقترح عدة اقتراحات، من بينها: إنشاء قوارب بغرض السياحة، طريق معبد مطوي.
* مخالفة وتبرير
على مدّ البصّر، أشجار متشابكة، فأشجار الطلح والهجليج تتطلع لتفوت شجر الدوم قامة، ولكن هيهات. وكانت اللافتة للنظر مساحة كبيرة محترقة، ولاحقاً علمنا أن الاحتراق سببه نشاط (العسالة)، فهم يحرقون الشجرة الموجود فيها النحل، بغية الحصول على العسل، وبالطبع لا يهتم لتمدد الحريق. حملنا هذه المخالفة لـ”سند” فلم ينف، ولكنه قال إن الحريق أحياناً، يتم بهدف فتح الطريق في بداية الموسم. ولكن، الموسم يفتح في شهر (يناير)، ووفقاً لبعض الجنود، المرافقين لنا، أن الحريق كان في الشهر الماضي.
وتحت الأشجار، ثمة شجيرات كثيفة، تعتبر مكمناً لبعض الحيوانات كـ(الحلوف) و(القرود) التي يلوح بعضها مرحباً بنا، وإن كانت تطمح في صيد منا. وهي غير بعيدة عن برك المياه، التي يتجمع فيها أسراب دجاج الوادي.
* فرح ممتد
اشتمل احتفال الحياة البرية بيومها العالمي، على زواج العفاف الثاني لمنسوبيها، فارتسمت الفرحة في وجوه العرسان، وهم يلوحون بسيوفهم المغمدة، وسط زملائهم، على إيقاع معزوفات الثقافة الشعبية، فكانوا ثلاث فرق، فرقتان من “أم بقرة”، وهي أقرب قرية للحظيرة، والثالثة من إحدى قرى (نهر الرهد)، وهي من قبيلة (أم بررو). وقد تزين بعض أولادهم بثقب آذانهم، معلقين فيها سلاسل من السكسك، فيما فتياتهم متزينات بالسكسك، والكحل الكثيف، يضربون الأرض على إيقاع واحد، وبسرعة متناهية، تعلو وجوههم ابتسامة كبيرة. وبين الحين والآخر يرحبون بلكنتهم المحلية بالمتلفين حولهم. أما الفرقتان الأخريان، فإحداهما: تجلس النساء على الأرض، ضاربات الطبل، والرجال حولهن يتقافزون لأعلى، وبعد قليل تدخل للرقص بعض الفتيات، فهذه فتاة تنافس زميلها في الفرقة في أيهما يقفز لأعلى. والفرقة الثانية: كان الرجال جالسين على الأرض، يعزفون على بعض الآلات الموسيقية المحلية، والنساء واقفات يصفقهن، بذات الإيقاع.
* تبرعات
وكرمت الحياة البرية، رجل الأعمال “صديق ودعة” بدرع إهداء أنيق، والأبطال الحائزين على بطولة قطر للناشئين لكرة القدم، التي أقيمت في “الدوحة” مؤخراً، بجانب أسرة مدرستهم، مدرسة محمد عبد الله بولاية الجزيرة. وكرمهم كذلك “ودعة” الذي صادف وجوده هناك الاحتفال، بمبلغ عشرة آلاف جنية، إضافة لذلك، تبرع “ودعة” للحياة البرية بمبلغ مئة ألف جنيه، وعشرة آلاف لمعسكر قلقو السياحي، وللعرسان أيضاً نصيب من أمواله، إذ تبرع لهم بعشرة آلاف جنيه، كما أنه وعد بدعم محمية الدندر، والحياة البرية.

المجهر السياسي