سياسية

فصل الطلاب من الجامعات.. جدل قانوني


على خلفية أحداث العنف التي اندلعت مؤخراً بجامعة الخرطوم، أصدرت إدارة الجامعة الاسبوع قبل الماضي قراراً بفصل (6) طلاب بشكل نهائي، وأوقفت (11) آخرين عن الدراسة لعامين، واعتبر طلاب أن حجة الاعتداء على أستاذ واهية، والهدف منها التبرير لقرارات تم اتخاذها مسبقاً دون تشكيل لجان للتحقيق والمحاسبة، واتهم آخرون القائمين على أمر الجامعات بتنفيذ أجندة جهات أخرى، الأمر الذي يضع العديد من الاستفهامات أبرزها الكيفية التي يتم بها اتخاذ قرارات الفصل، وهل ستكون سيفاً مسلطاً على رقاب الطلاب بالجامعات؟.

تحقيق :معاوية عبد الرازق

إجحاف:
وصف الطالب بمدرسة العلوم الرياضية جامعة الخرطوم (م، ع) قرارات الفصل التي تمت مؤخراً بالمجحفة، خاصة وأن إدارة الجامعة لم تجلس مع الطلاب وتتيح لهم فرصة الدفاع عن أنفسهم، وقال إن ماحدث يعتبر سابقة تعد الأولى من نوعها والهدف منها تهديد الطلاب وإرغامهم على التوقف عن الاحتجاجات.
قرار جماعي:
مسجل عام كلية شرق النيل سامية حسن قالت: لكل جامعة لوائح تخصها وضوابط تسير بها عملها، خاصة في المسائل المتعلقة بالفصل، وحسب لوائحنا هناك فصل مؤقت بأسباب الغش وسوء السلوك ويكون لمدة عام ويقرره المجلس العلمي المكون من مدير الجامعة، عمداء الكيلة، مجلس الآباء، وبالتأكيد لا يكون قراراً فردياً وهناك أيضاً الفصل النهائي، وتكون أسبابه أكبر من التي تم ذكرها سابقاً، ومن المهم جداً والأساسي تشكيل لجنة محاسبة ترفع تقريرها للمجلس العلمي، ويحق للطالب المفصول مؤقتاً العودة بعد انقضاء المدة والتسجيل بصورة طبيعية، ويكون العقاب عظة وعبرة لزملائه.
احتماء:
يقول الأستاذ بعدد من الجامعات د. عبد اللطيف محمد سعيد: إن كافة قرارات الفصل قابلة للاستئناف وللطالب الحق في التظلم، وعادة ما يلجأ مدراء الجامعات لمجلس العمداء لاتخاذ قرارات استثنائية، حيث يمكن للمجلس البت في تقرير لجنة التحقيق.
لائحة مُجازة:
وقال نائب مدير جامعة بحري د.عبد الاله كنه هناك لوائح سلوك ومحاسبة حيث يقوم المدير مع عميد الطلاب في حالة حدوث اي احداث مخالفة بتكوين لجنة من هيئة التدريس ويترأسها في الغالب بروفسير مشارك او بروفسير، وتسمى لجنة تحقيق، وتقوم بجمع كل الحقائق المادية بما فيها ادوات الجريمة، وتشمل اللجنة جميع الاطراف، وعند ثبوت اي تورط توجد لائحة مجازة مسبقاً من مجلس العمداء والاساتذة والجامعة والطالب على علم بكل اللوائح، بعد ذلك ترفع تقريرها للمدير ويتم تشكيل لجنة محاسبة حال إدانة اي طالب، بعضوية أستاذ من هيئة التدريس مع الاستعانة بآخر من كلية القانون، إذا كان الأمر أكثر تعقيداً، وبنفس الاجراء السابق يتم الجلوس مع الأطراف والطلاب لاصدار القرار حسب الضوابط، ويمكن للمدير تخفيف أو تعديل العقوبة حسب تقديراته، ليرجع التقرير لعمادة شؤون الطلاب لتنفيذه، وإذا كانت العقوبة أكاديمية يتم تعميم القرار على الكلية المعنية والشؤون العلمية وشؤون الطلاب.
ينوه نائب المدير إلى امكانية تقديم استرحام من قبل الطلاب أو أولياء أمورهم، ويتم عرضه على مجلس العمداء لتنظر لجنة خاصة في الأفعال التي تم بسببها الفصل- حسب المدة والجرم الذي وقع- ولا مجال للأهواء في تلك القرارات.
ضبط وتنظيم:
عميد شؤون الطلاب بجامعة بحري البروفيسور عبد الرحمن محمد خير قال: إن العمادة هي المسؤولة عن تنفيذ لائحة تنظيم وسلوك ومحاسبة الطلاب، وهي لائحة متكاملة ومجازة من أجهزة الجامعة من مجالس (الجامعة، الأساتذة والعمداء)، وتعمل على تنظيم وجودهم بالداخل وتوزيع للطلاب قبل انتظامهم بالدراسة، وأي شكاوى من أساتذة ضد طلاب أو العكس أو طلاب مع بعضهم، يتم تقديمها لعمادة شؤون الطلاب، وعلى غرارها يتم تشكيل مجلس تحقيق، وإذا استدعى الأمر يحول لتُشكل لجنة محاسبة، ودائماً ما نميل لتقويم الطلاب باعتبار أن الهدف تربوي، وحسب اللوائح تُشكل لجنة المحاسبة بطريقة معينة وتستمع إلى الطلاب، حيث يحق لهم الدفاع عن أنفسم، وتوصي لجنة المحاسبة بالغاء العقوبة وفقاً لللائحة، والعقوبات تتدرج من التنبيه ولفت النظر والإنذار الكتابي والشفاهي، ويجئ الفصل كآخر الخيارات، ويتعلق بالمشكلات الكبيرة، ويشير الى أن اللائحة منحت سلطة فصل الطلاب دون الرجوع للجان، واتعجب للحديث الذي دار مؤخراً عن فصل مدير جامعة الخرطوم لطلاب، فما حدث مضمن باللوائح وهو وضع طبيعي، وعن إمكانية اتجاه الجامعات منحى لمقاضاة الطلاب في حالة الاتلاف أجاب نعم، فقط عندما يكون الطابع جنائياً، لأن اللائحة تنظم وجود الطلاب بالداخل فقط، والتطبيق الصارم للائحة يعيد للمؤسسات هيبتها، ودعا البروفيسور الطلاب للالتفات الى دراستهم والتركيز على التحصيل الأكاديمي وإحراز درجات عالية.
غير قانوني:
المحامية رنا عبد الغفار، قالت إن فصل طالب دون توجيه اي تهمة أو تشكيل مجلسي تحقيق ومحاسبة يعتبر اجراء غير قانوني، وأشارت الى أن قرار الفصل قرار إداري ويقع تحت بند الطعون الإدارية، حيث يمكن التظلم، وإذا كان الموضوع متعلقاً بأعمال تخريبية وغيرها لا يحق للجامعة التحقيق معهم، لأن هذه القضايا موقعها القضاء وهو المنوط به الفصل بمثل هكذا أمور، ولا سلطة للجامعة بالمحاسبة إذا لم تكن إدارية، ويبقى السؤال كيف لها اتخاذ قرارات ضد طلاب لم يتم اتهامهم جنائياً؟ في وقت يحق لها التحقيق وفقاً للوائحها، ويكون ذلك بعد اتهام أو تبرئة الطلاب من اي تهم أخرى، والمعلوم أن التحقيق مع الجهات في موضع الاتهام حق كفله الدستور كما التظاهر، وأضافت رنا، وحسب القوانين يجب تشكيل مجالس محاسبة وتحقيق مكون من كافة الأطراف بما فيها الطلاب وأولياء أمورهم، ثم اتخاذ الاجراءات على ضوئها، حيث يمكن إيقاف الطلاب المعنيين لحين اكتمال أركان الاجراءات القضائية.
قانون خاص:
هناك قوانين تحكم الجامعات، بينما يحكم أمر التأسيس الكليات، هكذا بدأ المستشار القانوني لكلية شرق النيل محمد السر، والقانون مجاز من المجلس الوطني، ومنح قانون الجامعة سلطات إقصاء الطلاب للمدير باعتباره المسؤول الأول، وورد ذلك في قانون التعليم العالي بالمادة 16، وهو قانون ذو طبيعة خاصة، بينما تمنح أوامر التأسيس الحق في الرجوع لمجلس العمداء كجهة استشارية فقط، ولكنه لا يملك سلطات الغاء القرار، وقال المستشار إن مجلس الأمناء هو المرجعية لكل المؤسسات، ولا يحق له التدخل في القرارات وآراؤه استشارية ولكنها غير ملزمة، ومجالس التحقيق والمحاسبة موجودة بالفعل، وهناك قوانين وسلطات للمدير الحق في اتخاذها دون الاستعانة بلجنة المحاسبة أو مجلس التحقيق.
قرار نهائي:
وأشار المستشار الى أن قرار مدير الجامعة يكون نهائياً بموجب السلطات المخولة له بأحكام المواد التي تم بها الفصل، وهو غير قابل للاستئناف حيث لا توجد جهة يُستأنف لها، ولكن يمكن للطالب تقديم طلب استرحام للمدير الذي أصدر القرار، كما توجد لوائح خاصة بالسلوك والتحقيق، وفي حال اتلاف ممتلكات يتم تحويل القضية للقضاء فسلطة التنفيذ لدى المحاكم، وتقوم الجامعة بإيقاع عقوبات إدارية على الطالب حسب نوع الجرم.
ليست سلطتنا:
عضو مجلس جامعة الإمام الهادي د. نصر الدين شلقامي قال: فصل الطلاب والتدخل في قرارات الجامعة ليس من سلطات المجالس التي تنظم عملها قوانين الجامعات، فهي تضع السياسات والخطط البرامجية بجانب مقترحات الميزانية السنوية وإنشاء المراكز والكليات وتحديد أماكنها، وحسب توجيه المجلس القومي للتعليم العالي، فإن المجالس منوط بها وضع النظم والشروط والمؤهلات المطلوبة لقبول الطلاب، خلاف منح الجوائز غير العلمية للشخصيات المعتبرة.
لا دخل لنا:
وأشار الناطق الرسمي باسم وزارة التعليم العالي عز الدين بيلو الى استقلالية الجامعات في اتخاذ القرارات الأكاديمية والإدارية، وقال لكل جامعة لوائحها الخاصة، ولا يمكن للطلاب التظلم في الوزارة، ونوه إلى وجود لائحة سلوك ومحاسبة تتحكم في التعامل مع الطلاب بمختلف مؤسساتهم التعليمية.

اخر لحظة