سعد الدين إبراهيم

تنافس لا صراع


[JUSTIFY]
تنافس لا صراع

قرأت بعض تحليلات خطاب الرئيس ضمن النقاط الأربع بجانب السلام.. الإصلاح الاقتصادي موضوع الهوية ما أشير اليه بـ «الصراع السياسي السلمي الحُر»، وفي ظني أن التعبير يحتاج إلى تدقيق فتتحول كلمة الصراع إلى التنافس أو المنافسة لأن «الصراع» في معناه ومبناه يعني التصارع وقد يفضي إلى التقاتل.. أما المنافسة فهي حُرة شريفه والتنافس أمر مشروع لا تقاتل فيه ولا تصارع.. وأزعم أنك تنافس لكي تكون الأول.. لأنك عندئذ تكون سابق لمسبوقين فإن لم يتحلوا بالروح الرياضية فإن الأول هذا سيكون في حالة من الاستهداف.. ففي زمن التلمذة الأول عندما كنا صغاراً كانت من أهازيج نتائج الامتحانات ما يذهب إلى الإساءة إلى الأول وإلى الأخير الطيش.. فيقولون الأول يأكل ….. مُدور ومحل النقاط لفظ يعني «التغوط» بدون «مؤاخذة» والطيش يدقو بالبراطيش .. بينما تكافئ الأهزوجة الثاني الذي يأكل باسطه بالصواني .. وهي من أهازيج الطفولة المحيرة مثلها مثل «مشيت للأفندي أداني كراسات.. قال ليا أكتب عربي كتبت ليهو حساب» في أهزوجة «لمن كنت صغير بلعب بالتراب» وقد قلت من قبل إن ذلك غرز في تنشئتنا حب المعاكسة.. وقد أشرت إلى حب المعاكسة في نطق الحروف عند إخوتنا الجنوبيين وغيرهم فإنهم يبدلون حرف السين والشين .. على نحو نطقهم لكلمة سمك يقولون «شمك» وفي نطقهم لكلمة شجرة «سجرة».. فهم قادرون على نطق الحروف صحيحة لكنهم يعكسونها ربما تأثراً بالأهزوجة.

أما قضية الهوية فقد تم ابتسارها في الهوية العربية يتحمس لها البعض ويذودون عنها.. والهوية الأفريقية التي ينادي بها البعض بحماس منقطع النظير إذ أشاروا إلى تحويل السوق العربي إلى السوق الأفريقي.. والصمغ العربي إلى الصمغ الأفريقي حتى خشينا أن يقولوا تتحول حصة العربي إلى حصة الأفريقي.. وواضح أن ذلك نكاية بالمد العربي.. والنعرة المتعنصرة في ذلك الطرح.. والدليل مقولة كانت عند السودان فرصة أن يكون الأول أفريقياً فاختار أن يكون طيش العرب.

حتى الهجين الذي اقترحه البعض كحل وسطي كان غامضاً في عبارة «سودانوية» أو في مدرسة الغابة والصحراء.. وهذه تخدم فكرة التمازج ولعله في الفنون حسبما كان يشير الفنان المقيم الراحل «إسماعيل عبدالمعين» نشأت موسيقى «الزنجراب» وهي تزاوج بين مفردتي «زنجي .. عربي».. إذاً فالثنائية ضرورة.. والتحدي الحضاري المطروح أمامنا كيف نصنع كُلاً واحداً جزيئاته العروبة والأفريقية.. لكن الكُل المركب هذا تستعصي تجزئته وإلا لم يتم تمازج ناضج ومرجو وتظل الهوية إما مبهمة أو آحادية.

يؤسفني مقولة زميلنا المسرحي الراحل وهو أكاديمي وكان قد هاجر وعاد وعمل أستاذاً بجامعات السودان قبل رحيله.. قال لي ذات مرة: أخذنا في السودان من العرب أسوأ صفاتهم الخيانه ومن الأفارقه الحسد .. ورغم عدم اتفاقي مع المقولة وأننا أخذنا من العرب أحسن صفاتهم الكرم .. ومن الأفارقه أحسن صفاتهم الطاعة .. لكن الكرم والطاعة ذاتها خشوم بيوت وهذا ما يحتاج إلى توضيح أكثر!!
[/JUSTIFY]

الصباح..رباح – آخر لحظة
[EMAIL]akhirlahzasd@yahoo.com[/EMAIL]