منى سلمان

الدرب .. بلمك مع كاتل ابوك !!


أن الإسلام يعمل دوما على حفظ تماسك الأسرة واستمرارها إلى أقصى درجة ممكنة حتى تتحقق الغاية من الزواج الذي جعله الله آية من آياته سبحانه وتعالى، فهل يعقل أن نهدمه بكلمة في ساعة غضب أو حتى تهريج .
ومع تزايد اعداد حالات الطلاق بصورة مخيفة في العالم العرب، لجأ بعض العلماء لمحاربة تلك الظاهرة بوضع قيود فقهية على شروط صحة الزواج، كما فعل العالم الازهري دكتور (السايح) الذي اشار إلى أن الأدلة الشرعية تشترط وجود الشهود للطلاق وأن يكون موثقا عند المأذون كما في الزواج .. ومن ذلك قوله تعالى في بداية سورة الطلاق (فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجاً(.
وللحقيقة فإن فتوى الدكتور لم تكن الأولى في هذا الصدد ولكن سبقه إليها الكثير من علماء السنة والشيعة على حد السواء، كما أن لمعارضيها من الحجة والمنطق ما يجب سماعه، ولذلك أحببت أن أوردها في هذا المقام لأننا نعيش في عصر قل فيه الوازع الديني وإضمحلت فيه القيم .. فنحن في أمس الحوجة للاجتهاد وفق ضوابط النصوص الشرعية لمواجهة هذا الطوفان من عمليات الطلاق الذي قد يتم غالبا في ساعة غضب ولأتفه الأسباب، وتدفع ضريبته الزوجة خاصة إذا كانت (أم ) كما يدفعها معها الأبناء الذين يضطرون للمفاضلة بين البقاء مع احد الابوين والحرمان من الاخر، وقد يحرمون من كل الخياريين عندما يقرر والديهما أن يعيدان تشكيل حياتهم من جديد تاركين خلفهم تبعات الزيجة الفاشلة (مملطشين) يتسولون الحنان بين بيوت الاجداد، ويتنقلون بين احضان زوجة اب وزوج ام في خيارين احلاهما مر ونهايتهم ضياع نفسي وحنانيميا حادة وحال يبكي ذي القلب الحجر.
– وما يزيد من سوء الوضع، تجاهل المطلقين لضرورة مراعاة وضع ابناءهم ومحاولة ايجاد صيغة توافقية للعناية بهم وتخفيف ضرر الانفصال عليهم .. هناك الكثير من طرائف الخصومة بين المطلقين والغبن الذي يحمله كل منهما للآخر:
أسرعت (فطينة) تتجاوز عربة الكارو التي إعترضت عليها طريقها لسوق النسوان وهي تحمل كيسا جمعت فيه بضاعتها من الطواقي التي تسهر لنسجها ثم تفرشها على جانب الطريق مع رفيقاتها بائعات المفاريك والوقايات والجبنّات وغيرها من ما تبيعه النساء في المكان المخصص لهن في السوق، إنزوت على جانب الطريق وأبطأت من حركتها حتى تسمح لعربة الكارو أن تمر عبر الطريق الضيق، حينما حانت منها إلتفاتة نحو رجل يسير بمحازاتها .. أصابتها الدهشة والإمتعاض في نفس الوقت وماجت في دواخلها شتى الإنفعالات لدى رؤيتها له، فهذا الرجل لم يكن سوى طليقها ( جبارة) والذي لم تجمعها به أي مناسبة منذ وقوع الطلاق بينهما ، مصمصت شفتيها غيظا كمن تأكل (القونقوليز) ثم رمته (بمطاعنة) عن الصدفة التي جمعتها به بعد ما كان بينهما من خلاف وطلاق، وعلى طريقة إياك أعني فأسمعي يا جارة:
غايتو الدرب ده .. بلِمّك في كاتل أبوك!!
سمع (جبارة) مقولتها و(فاتت قعر أضانو) ولكنه فضل أن يتجاهلها ويواصل في طريقه عملا بالمثل (الداير تهري .. أسكت خلي)، فعل فيها تجاهله ما فعل .. ففارت مصارينها وجقجقت من المغصة وجادت قريحتها ببيتيي شعر، قطعتهما قطع أخضر من عرقوب شيطان شِعرها الحانق على من رمى مودتها خلف ظهره ومضى – ونسبة لان ما نظمته من الشعر – للأسف – يقع تحت بند القذف والسباب الذي يعاقب عليه القانون، لن استطيع ايراده رغم عبقرية التصوير فيه، ولكن يمكن القول بأنها دعت الناس أن لا يشغلوها بذكر سيرته أمامها فهو لا يستحق (يا ناس ما تسهمونا)، ثم مالت لذكره بما يكره لا مؤاخذة !!
يمكننا فقط إراد خاتمة الابيات التي تقول (بتصرف):
يا ناس ما تسهمونا .. و التراب كال خشم الطلّقونا !!
(أرشيف الكاتبة)