جمال علي حسن

المغتربون والنظام المصرفي.. أزمة الثقة


في يونيو الماضي قدر الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج حاج ماجد سوار تحويلات المغتربين خارج النظام المصرفي بـ(4) مليارات دولار، مقابل (100) مليون دولار هي جملة التحويلات الرسمية من الخارج في ثلاثة أشهر وطالب بتحرير سعر الصرف الخاص بتحويلات المغتربين أو تحديد سعر صرف مجزٍ، أقرب لسعر السوق الموازي أو تعامل خاص مثل دولار الصادر .
وبعد عدة أشهر من هذا التصريح أي بعد أن اكتملت (مخمخة) الحكومة لحكاية تحويلات المغتربين أعلنت مؤخراً موافقتها للبنوك التجارية على تسلم وصرف حوالات المغتربين بالعملة الحرة وقالت إن بنك السودان أبدى موافقته لرغبة جهاز المغتربين في استقطاب وجذب مدخرات السودانيين ..
لكن لا أكاد ألمس في أوساط المغتربين اهتماماً بهذا الخبر أو أثراً على موقفهم القديم من تحويل أموالهم عبر النظام المصرفي بعد هذا القرار.. بل لا يكاد الكثير منهم يرغب في أن يوجع رأسه بهذه (السالفة) ـ كما يقول أهل الخليج ـ طالما أن لكل واحد منهم دربه الآمن بالنسبة له في تحويل (قريشاتو) دون تحمل أية درجة من المخاطرة بالسعر أو ضمانات تنفيذ هذا القرار .
القضية هي قضية ثقة في المقام الأول.. ثقة المغترب في التزام البنوك بتسليمه حوالته بالعملة الحرة في ظل عدم استقرار الاقتصاد وشح العملة الحرة بل في ظل عدم ثبات السياسات والتخبط العشوائي في قرارات البنك المركزي بين المنع والحظر والسماح وعدم السماح للسيطرة على أسعار الدولار .
ربما يكون بنك السودان ينوي الالتزام فعلاً بهذا التوجه الجديد هذه المرة، لكن المطلوب منه أن يصبر طويلاً ويؤسس لاستعادة تلك الثقة المفقودة في ثبات سياساته وضمانات الاستمرار في تنفيذ قراراته .
كذلك يجب أن نلفت الانتباه إلى أن تحويلات المغتربين خارج النظام المصرفي لم تعد تتم بواسطة جهات تضع قيمة عالية على الحوالة حتى يلحظ المغترب فرقاً بين سعر التحويل وبين إرسال المبلغ (دولار حي) ليبيعه في السوق الأسود في الخرطوم..
لا يكاد هناك فرق يذكر وذلك لأن نسبة كبيرة من عمليات التحويل للسودان الآن تتم بواسطة تجار يريدون التحايل على سقف الدولارات المسموح بالخروج بها من مطار الخرطوم والمحدد بـ 10 آلاف دولار كحد أعلى فتتم عملية تبادل يسلم فيها التاجر دولاراته في الخرطوم ويستلمها في دبي وغيرها .
وهذه الظاهرة لا يمكن التغلب عليها إلا برفع سقف المبالغ المسموح بحملها والخروج بها من مطار الخرطوم بأضعاف السقف الحالي .
استقطاب مبالغ تحويلات المغتربين لتتم عبر النظام المصرفي يتطلب المزيد من إجراءات تعزيز الثقة والتشجيع ومنافسة القطاع المصرفي لخيارات أخرى أقل خسارة بالنسبة للمغتربين ثم تقليل فوائد التحويل والصبر (الببل الآبري).. ويستعيد الثقة .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.