مقالات متنوعة

احمد يوسف التاي : البحث عن مخرج ومخارجة


مما أصبح معلوماً حتى لعامة الناس أن حل أي مشكلة، أو أزمة يبدأ بالاعتراف والإقرار بها أولاً، لأن هذا الاعتراف يمثل الخطوة الأولى نحو الحل.. وتأسيساً على هذه النقطة الجوهرية، نعيد طرح سؤال الأمس الذي أرجأنا الإجابة عنه لاستدعاء بعض المعطيات الموضوعية التي تقربنا من الإجابة الأقرب للصواب، والسؤال هو : هل نظام الإنقاذ جاد لإيجاد حل للأزمة السياسية الراهنة؟.. الناظر إلى كثير من المعطيات والمؤشرات يدرك حقيقة مهمة وهي أن النظام يبحث الآن عن أمرين مهمين للغاية : الأول مخرج للأزمة السياسية التي أنتجت الأزمة الاقتصادية ومازالت تغذيها بإهمال، والثاني أنه – أي النظام -يبحث عن ضمانات تجنبه المساءلة عن الأخطاء التي ارتكبها، وهذا أمر في غاية الأهمية بالنسبة له. وإذا قلنا أن حل الأزمة يبدأ بالاعتراف بها، فهل نستطيع القول ان النظام أقر بالأزمة وبفشله في المعالجات؟ حسناً .. أولاً: لابد أن ندرك أن نظام الإنقاذ ليس كتلة صماء فهو أشبه بـ”المزايكو” يضم بداخله تيارات متعددة، ومذاهب شتى وتباينات حادة واختلافات أكثر حدة ووفقاً لذلك فقد جاء الاعتراف بالأزمة والفشل في حلها بطرائق مختلفة من رموز النظام ومؤسساته، فقد جاءت صريحة وأخرى ضمنية، فمنهم من قال “إن الإنقاذ دواء فقد الصلاحية”، ومنهم من أشار إلى أن التنظيم تسنم كابينة قيادته النفعيون والانتهازيون والفاشلون، ومنهم من حذر من مصير الاتحاد الاشتراكي “الراحل” بالإضافة إلى كثير من ممارسات “جلد الذات” التي لا تفسر إلا في إطار الاعتراف بالأزمة والإقرار بالفشل. لكن الأهم من كل ذلك والذي يفسر بأنه اعتراف بالأزمة والفشل في حلها، هو تحركات النظام رسمياً باتجاه الحوار الوطني والدعوة التي كانت بمثابة استغاثة أن هلموا إلينا لننقذ مركب الوطن من الغرق، إذ جاءت دعوة النظام للحوار هذه المرة مختلفة عن المرات السابقة ومعززة بالتزامات وتعهدات الرئيس بتنفيذ ما سيتم الاتفاق حوله أكثر من مرة. إن مجرد الدعوة للحوار يعني الاعتراف بوجود مشكلة وإن النظام فشل في حلها منفرداً، كما أن ذلك يعني أيضاً إقراره بوجود قضية تخص آخرين تحتاج إلى تسوية… إذن انتهينا من قضية إقرار النظام بوجود أزمة لتأتي بعد ذلك خطوة الحل.. ولا شك أن التداول الذي حدث داخل قاعة الصداقة ومخرجات الحوار وتوصياته قد وضعت الحلول أو اقتربت منها على الأقل. لكن الاعتراف بالمشكلة والإقرار بالفشل في حلها وحدهما لا يعنيان نهاية المطاف ولا يعنيان الحل والتسوية وعليه تصبح الجدية في الحل هي مربط الفرس وبيت القصيد، وهي المختبر والمحك أمام النظام المتهم بالمراوغة والتاكتيك وشراء الوقت.. أما الشق الثاني من المعادلة والذي سبقت الإشارة إليه:هو أن النظام يبحث الى جانب المخرج لحل للأزمة،يبحث أيضاً عن ضمانات لتجنيب بعض رموزه المساءلة والمحاسبة على الأخطاء السابقة، وهذه الضمانات على الأقل تبدو الآن في بحث النظام عن تسوية سياسية تجعل السيطرة والغلبة في يده بحيث لا يستطيع أحد أن يقصيه من العملية السياسية المقبلة، أو يحاسبه على أخطاء الماضي، فإذا توفرت هذه الضمانات أو غيرها فإن النظام المقر بفشله الآن سيكون أكثر إذعاناً للحل السياسي السلمي، لأنه هو أحوج من غيره للتسوية والخلود إلى الراحة من رهق 27 عاماً من الضغوط المحلية والإقليمية والدولية…اللهم هذا قسمي فيما أملك.
نبضة أخيرة :
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين.