عمر الشريف

لا حوار و الجو حار


الحوار الوطنى الذى دعت له الحكومة وإستجابت له بعض الأحزب والحركات وتدخلت فيه بعض الدول والمنظمات العالمية لم يكن هو الحوار المطلوب ولم يحين المناخ المناسب له ولا التوقيت . نجاح الحوار يتم عن قناعة وطنية خالصة بعيدا على المساومات على المناصب والماديات ولا بهجوم مناطق وتشريد أهلها منها ليكون حافزا على فرض السيطرة فى مجريات الحوار .

السودان هذه الايام يعيش حرارة الجو وحرارة الاسعار والغلاء وحرارة النفس التى تحملت أكثر من طاقتها وحرارة الضغط الحكومى وحرارة التشتت الحزبى وحرارة الضغط الدولى وحرارة الحدود الدولية وحرارة السياسة الطلابية والتهميش الريفى . كيف يتم إجراء الحوار الذى لم يقتنع به البعض من حملة السلاح و الأحزاب التى تحركها بعض الجهات الدولية والتى تؤثر فيها التدخلات الاجنبية والضغوط الأممية .

|أكثر من ثلاثون عاما ونحن فى ضياع الوقت وتعطل التنمية والإنتاج بحجة الحوار والتدخل الخارجى والحصار الجائر. هل توقفت عقولنا عن التفكير عن إجاد طرق ومخارج بدل أن نبرر فشلنا فى كل مرة . الأحزاب والحركات العسكرية والحكومة اصبح هدفها هو السلطة وفرض النفوذ لهذا لا يوجد حوار جادى وصريح لمصلحة الوطن والشعب . لم نتعظ من الإتفاق الجنوبى الذى أدى الى فصل الجنوب رغم توجيه كل الخدمات والانفاقات خلال فترة الاتفاقية الانتقالية وإنفصل الجنوب وتحولت الشرارة الى الغرب وما أن تشتعل فى تلك المنطقة حتى تجف الأرض لتنتقل الشرارة الى الشرق ثم الى الجنوب الشرقى .

الحوار الجاد هو الذى يتم إختيار من يخاف الله ثم يعمل لمصلحة الوطن ويتم الاختيار من كل ولايات السودان بعيدا عن الحزبية والحركات المسلحة ليكون حوارا يمثل الشعب ولا يمثل الأحزاب او الحركات او السلطة . يسبق الحوار أجواء تدعم هذا الحوار ومنها مكافحة الفساد وتفعيل قانون الثراء الحرام وتحسين الخدمة المدنية وبسط العدل والمساواة بين الناس وكل حاضرة فى السودان ترشح شخص يمثلها فى هذا الحوار وتوزيع السلطة بالعدل والكفاءة والوطنية وبعدها ندعوا للحوار ليس آلية 7+7 وإنما حوار الشعب من أجل الوطن وحوار الوطن من أجل الشعب .

أما الحوار الذى ندعوا له بعض الاحزاب وبعضها يساوم على المناصب والتعويضات و التذاكر وتكلفة الإقامة فى الفنادق والوجبات والدعم ليؤيد مخرجات الحوار هذا ليس بحوار وطنى وليس بحوار عادل ولا يثبت شهور وينهار كما إنهارت الحوارات السابقة وبعض السدود التى شيدت من غير دراسة وتخطيط . إنفصال الجنوب كان بسبب الضغط والتدخل الخارجى فى مجريات الحوار وصيغة الإتفاقية لهذا لم ينجح حتى بعد الإنفصال وتدفق الجنوبين نحو الشمال وكأن الإنفصال هو مولد حركة عسكرية وسياسية جديدة بدعم دولى لمحاربة الشمال . حيث أصبح العبء أكثر من قبل والمسئولية كبيرة على الجيش والشعب .

بعيدا عن مشاركة أو رفض الاحزاب او الحركات فى مخرجات هذا الحوار يجب التوقف الآن حتى لا يضيع الوقت ويرهق كاهل المواطن الذى يستقبل بعد أيام شهر رمضان المبارك وهو فى أزمة غاز وسكر ودقيق ودواء وغلاء أسعار ويبدأ فى مشاكل وعراقيل فصل الخريف التى تمر عليه كل سنة وما تجف ملابسه من الأمطار حتى يحمل هم الأضحية و حرارة الصيف ليبدأ الدورة من جديد .

الذين يراهنوا على تواجد الأحزاب والحركات فى الحوار للإنجاحه لقد سمعوا وشاهدوا أن الشعب إنتظرهم ولم يجدهم عندما طلبوه ، ولينظروا الى مناوى عندما كان يحرس ويدعم من الحكومة وإستغل الفرصة التى لم يحلم بها ، ثم رجع الى التمرد ومثله عقار والحلو وعرمان ومن يسمع كمال عمر بأن لا مجال سوى تغير النظام وهو الآن ينادى بالحوار . السيد الصادق معتكف فى القاهرة بعد أن كان يلقى خطبه ومحاضراته من ودنوباوى وأين السيد المرغنى وأنجاله بين القاهرة ولندن وأين الكودة وعلى الحاج الذى باع وطنه وعاد اليه ليستغل الفرصة لم أرى حزب وطنى مخلص سوى الحزب الشويعى رغم كرهنا له لكن نلتمس فيه الوطنية والجدية .