حيدر المكاشفي

قانون الصحافة خلوه أقرعوا القوانين الأخرى


هب أن المجموعة العاكفة الآن على إعداد قانون للصحافة بديل لقانون (2009) قد أنجزوا قانوناً للصحافة يحتذى «لا فيهو شق ولا طق»، فما الذي يضمن أن لا يكون هذا القانون الجديد سوى مسودة ورقية لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به، وهل يقوى أي قانون للصحافة جديد أو قديم، تليد أو حديث، أن يمنع مصادرة الصحف من المطابع كالذي يحدث بين الفينة والأخرى؟ وهل يستطيع هذا القانون أن يوفر الحماية للصحف والصحافيين من أية محاسبات أو مخاشنات أو مضاغطات على رأي زميلنا إمام محمد إمام، تقع على الصحف والصحافيين من غير القضاء الطبيعي الذي يفترض أن يتحاكم أمامه أي مختصمين.. وهل وهل وهل.. من «الهلاهيل» التي هلهلت جسد الصحافة..
الواقع أن الصحافة (المهنة) تشابه عليها بقر القوانين والمسؤولين عنها، فلم تدر بأي قانون تدار ومن هو المسؤول عنها على وجه الدقة، هل هو هذا أم هذا أم تلك أم هؤلاء أم أولئك (يمكنك هنا أن تستخدم جميع أسماء الإشارة) واللبيب بالإشارة يفهم، أم تراها جهة أخرى لا هي هذا ولا تلك ولا هؤلاء، كما لم تدر الصحافة ما هو القانون الذي يحكمها على وجه التعيين، هل هو قانون جهاز الأمن، أم قانون الصحافة، أم القانون الجنائي، أم قانون (كجمناك كجم) أم كل هذه القوانين مجتمعة أو منفردة (سبق أن حوكمت الصحافة بقانون الصحة العامة الذي ينفذه ضباط الصحة)، الحقيقة أن ليست هناك مهنة تواجه وضعاً شائهاً وشائكاً مثل الذي تعانيه مهنة الصحافة، وهو وضع لم يعانه حتى المستعبدين والمسترقين على أيام الرق والاستعباد الكريهة، حيث كان المسترق أو المستعبد يخضع لسيد واحد هو الذي يخدمه ويتلقى منه الأوامر والتعليمات، أما الصحافة السودانية الآن فيحكمها أكثر من سيد وتحاكم بأكثر من قانون، وليس من دليل على سوء هذا الحال الذي ترزح تحته الصحافة أبلغ من صرخة البروف علي شمو رئيس مجلس الصحافة السابق وتوجعه من هذا الحال حين شكا من ضعف المجلس وهوانه وضياع هيبته جراء هذا الوضع الغريب الشاذ الملتبس، وإذا كان ذلك هو حال رئيس مجلس الصحافة الذي يتم تعيينه بقرار رئاسي وتعتبر المؤسسة التي يرأسها حكومية أكثر من كونها مستقلة، لكم بعد ذلك أن تتصوروا مدى السوء الذي يكون عليه حال الصحافيين مع مثل هذا الوضع المزري، الذي يفرغ المهنة تماماً من معناها ويحيلها إلى أي شيء آخر غير أن تكون صحافة، وبطبيعة الحال فإن صحافة تعاني من مثل هذا المآل الذي جرّها إليه جملة من الأسياد والتقاطعات القانونية، تحتاج أن تبحث أولاً ليس عن قانون جديد وإنما عمن يحررها من أسيادها الكثيرين وقوانينها المتقاطعة، الرأي عندي أن لا داعي مع هذا الحال لقانون للصحافة جيداً كان أو سيئاً، الأفضل من ذلك أن تتحاكم الصحافة إلى القوانين الطبيعية في المحاكم الطبيعية وأمام القضاة الطبيعيين..