سياسية

ما قام به “أحمد المهدي” هل يشجع الآخرين؟!


وجد الكتاب الذي ألفه الإمام “أحمد عبد الرحمن المهدي” وزير الداخلية في حقبة الستينيات عن حزب الأمة قبل أن يتفرع إلى قومي وإصلاح وتجديد وقيادة جماعية، وغيرها من الأسماء التي ألصقت بهذا الاسم الكبير، وجد اهتماماً كبيراً من أهلنا الأنصار وبقية الأحزاب السياسية الأخرى، وهو يحكي عن حياة الإمام “عبد الرحمن المهدي” أبو السودانيين، وتطرق إلى حياة الإمام “عبد الرحمن” منذ النشأة وعلاقاته بالإنجليز والمصريين “جمال عبد الناصر” و”نجيب” وزياراته لمصر.
الكتاب حافل بشتى الموضوعات، وتنبع أهميته من التوثيق الذي يفتقده السودانيون عن حياتهم أو حياة الآخرين، لذلك وجد هذا الكتاب اهتماماً كبيراً، ونجحت (المجهر) في الحصول عليه من صاحبه الإمام “أحمد المهدي”، والإمام “أحمد” يعدّ من القيادات السياسية المولعة بعملية التوثيق، ومن القراء النهمين من بين جيله حتى إذا زارك في مناسبة فرح أو كره لا يأتيك عابراً أو يجلس جلسة قليلة ويغادر كما يغادر بعض القيادات بادعاء المشغولية، بل يسأل عن تفاصيل التفاصيل عنك وعن أسرتك وأولادك وماذا يعملون وهذه نادرة عند قياداتنا السياسية، لذلك ارتباطه بالأنصار وحزب الأمة قوي جداً.
الكتاب ينتظر حلقاته كبار الأنصار وصغارهم بمناطق الجزيرة أبا وكوستي وفي أم درمان ود نوباوي والشهداء، وحتى مناطق أمبدات وغيرها من مناطق توزيع الصحف بالعاصمة والولايات، فمن لم يذهب إلى الكشك باكراً فلن يحصل على نسخته، فالكتاب جدير بالاهتمام والإطلاع على ما جاء في صفحاته، خاصة أن ما أورده الإمام “أحمد” من تفاصيل لن يجدها القارئ في أي مكان لأن الإمام “أحمد” كان ملاصقاً لوالده وكان الأقرب إليه ويمتلك تفاصيل التفاصيل، حتى الصور مع الزعماء والقادة العرب هي متوفرة لديه، ويرفد بها الصحيفة كل أسبوع لتصاحب المادة المنشورة.
نحن مقلون من عملية التوثيق، وكل مسؤول سوداني إذا أردت أن تنتزع منه معلومات يتعلل بأن فلان الفلاني إذا ذكرنا اسمه بسوء يزعل وأهله يزعلوا والحكومة تزعل، لكنه لا يعلم أن المعلومات التي يمتلكها أصبحت ملكاً للعامة ويجب أن تنشر بدلاً عن حبسها في الصدور أو الأضابير، لذلك فعل الإمام “أحمد المهدي” خيراً بأن أصدر هذا الكتاب وما يحويه من معلومات غزيرة، وليت كل الساسة كتبوا لنا عن تجاربهم أو تجارب الآخرين لينتفع بها الناس، وهناك حديث عن إعادة كتابة تاريخ السودان، لكن من الذي سيكتبه، والكل خائف من الإدلاء بأية معلومات؟!
المشير “سوار الذهب” لا يريد أن يبرئ نفسه من انحياز الجيش للشعب في انتفاضة “رجب/أبريل” 1985م، والفريق “عبد الماجد حامد خليل” يتملكه الخوف أيضاً من الجلوس مع أي صحفي لنشر ما يمتلك من أسرار ومعلومات، وحسناً فعل الفريق “عمر محمد الطيب” وبدأ يدلي بمعلومات مهمة للأخ “الهندي عز الدين”، وقد حفيت قدماي وأنا أذهب إليه وأحاول الجلوس معه عشرات السنين وكل مرة يعتذر بطريقته، وقال إنه يمتلك معلومات وأسرار تنوء بحملها الجبال.

المجهر السياسي