منوعات

نادر على طريقته “حبيبو”.. أربع سنوات من الحزن النبيل


الثانية صباحاً بتوقيت الوداع.. العربة اللاندكروزر تنهب الأسفلت.. لم يكن ثمة (تحدٍ) بين من يستقلونها والموت، كان نادر يجلس على طريقته في المقعد الخلفي يستعيد تفاصيل حفلة في مدينة عطبرة ومع طلاب جامعة وادي النيل.. كانت صورة العاجي ديدييه دروغبا وهو يحتفل بفوز فريقه تشيلسي بدوري أبطال أوروبا للعام 2012 مشهدا يحتل مكانه في دواخل الشاب..

غير أن الشاحنة بحاوياتها كان لها رأي آخر.. يحدث الاصطدام لتستيقظ المدينة على فجيعة أخرى: (حبيبو مات).

قبل أربعة أعوام كانت البلاد على موعد جديد من الوجع الذي ظنت لوهلة أنه سينتهي بغياب صاحبه، لكن جدده رحيل الشاب المولود في بانت شرق والذي تلقى تعليمه الأولي في الخرطوم قبل أن ينال شهادة البكالريوس من الهند في تخصص الاقتصاد والعلوم السياسية، لا يخفي نادر خضر الأمين أنه كان ينوي أن يعمل سفيراً للسودان في إحدى الدول عبر بوابة الخارجية قبل أن يفتح لنفسه بوابات الولوج إلى القلوب من خلال لونيته المختلفة في أداء الأغنيات. ونجح الشاب في أن يحجز له مكانا في خارطة الإبداع السوداني. بل إنه استطاع أن يصنع معجبيه خارج حدود الوطن.

أربع سنوات من غياب المُجيد لترديد أغنيات الراحل مصطفى سيد أحمد كان فيها (الحزن النبيل) سيداً للساحة، الجيل الجديد من الفنانين يبكون (النادر) على طريقتهم ويرسمون طرقهم بعبارة واحدة (افتقدتك).

يقول محمود عبد العزيز قبل أن يلحق بصديقه في ذات طريق الموت: كان خضر لون أساسي يمنح اللوحة ازدواجية القراية كان يغني على طريقته ويعيش من أجل الآخرين. في إنسانية كانت علامة مسجلة باسم نادر خضر.

مؤكد أن الساحة الغنائية تفتقد نادر خضر إلا أن ساحات أخرى تفتقده أكثر.. لم يكن نادر مجرد فنان يغني، بل كان نموذجا للإنسان الذي يضع البسمة على وجوه من هم حوله. يحكي أحد الشباب أنه وفي أحد الأيام كان نادر يقف في صف الحصول على تذكرة طيران في أحد الخطوط وطالبه البعض بأن يتجاوز بنجوميته الوقوف في الصف، لكنه لم يفعل ذلك وكل ما فعله أن حمل كبريتة وعزف عليها ليغني لطفلة كانت تحيطه بمحبة.

محبته تجاوزت كل الأمكنة لدرجة أنه وعقب رحيله كان منزل زعيم الأمة السودانية إسماعيل الأزهري دارا أخرى سكنتها الأحزان وأنهم عند غياب نادر فقدوا ما تبقى من ذاكرة محمد الأزهري صديق الموسيقى والقضية.

كفنوه بالعلم القديم.. وهي رسالة أخرى وبعض تفاصيل نادر الذي لم يكن مجرد فنان بل كان سودانيا صميما وإنسانا نادرا على طريقته.

أربع سنوات من الغياب وما تزال المسارح ومداخل الكباري تنتظر (بوستا) كتب عليه: (حفل خيري) والتوقيع حتماً لنادر خضر.

صحيفة اليوم التالي