مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : فقط (ما في جنوب بدون شمال)


> أمس الأول، تقول الأخبار بأن جنوب السودان يشتعل بحرب ما بعد عودة مشار..وفي نفس الوقت كنا نكتب هنا تحت عنوان (السؤال) حول موقف واشنطن وإسرائيل من التطورات الأمنية في جنوب السودان بعد انفصاله.. وقلنا هل كانت الحركة الشعبية بقيادة قرنق تتلقى الدعم والتدريب من واشنطن وإسرائيل أيام التمرد منذ عام 1983م لتدمير جنوب السودان بعد انفصاله وخراب موارده؟.
> إذا كان هذا هو هدف القوى الأجنبية بالفعل من دعم حركة قرنق في مرحلة سابقة.. فقد حققت ما تريد لدرجة أن الصين أمس الأول كانت تقول بأن سلفا كير ومشار لم يبقَ لهما في جنوب السودان ما يتصارعان عليه.
> وإن كان الصحيح هو أن الصراع تريده القوى الأجنبية من وراء نفاقها حتى لا يستفيد جنوب السودان من مياهه المتدفقة في حوض نهر النيل الأبيض ومن نفطه الذي حفرت الخرطوم آباره وأنشأت حقوله في أعالي النيل.. وهي الآن بعد إعلان دولة جنوب السودان أصبحت منطقياً وفعلياً (أداني النيل)، فقد أصبحت أعالي النيل مع حدود يوغندا جنوب دولة جنوب السودان.. وأصبحت أعاليه في ولاية النيل الأبيض داخل السودان.. لكن الحركة الشعبية لم تغير اسماً ينبغي تغييره.. فهي مازالت الحركة الشعبية لتحرير السودان.. وهي تحكم دولة أخرى غير السودان.. تحمل اسماً قديماً، أيضاً هو جنوب السودان.
> وحتى بعد اتفاق السلام بين سلفا كير ومشار، يبدو أن جنوب السودان مازال يحتاج إلى مزيد من اتفاقيات السلام.. ولن تجدي شيئاً .. لأن أم الاتفاقيات اتفاقية نيفاشا لم تجدِ فتيلاً.
> ويبدو أن ذاك النشيد الذي كان يردده السودانيون بعد أن نبعت فكرة تأليفه من زيارة الرئيس نميري إلى جوبا وملكال هو الذي يعبر جزء منه عن الحقيقة وليس كله.
> وبلهجة جنوبية كان الناس تسمع:
نميري قال كلام..
في جوبا وملكال..
مافي شمال بدون جنوب..
مافي جنوب بدون شمال..
كلنا إخوان .. كلنا إخوان..
> ونقصد هنا إنه مافي جنوب بدون شمال بالفعل.. ونضيف إنه (ما في جنوب بواشنطن وإسرائيل).
> ويمكن أن يكون هناك شمال بدون جنوب وقد كان.. وليس نفط فلج وعدارييل ضرورياً ليكون هنا شمال باقتصاد منتعش.. فاقتصاد السودان مشكلته ليست في خروج عائد نفط الجنوب من الموازنة، بل مشكلته في وضع سياسات التجارة الخارجية الخاطئة.
> سيظل جنوب السودان مشتعلاً ما لم ترفع القوى الأجنبية يدها الخفية عن استقرار الجنوبيين القبلي. فهم بدون تمرد حركة قرنق وقبله كانوا ينعمون بثمار اتفاقية أديس أبابا فبراير – مارس 1978م.. وقبل تمرد جوزيف لاقوا كانت حكومة الأزهري الوطنية الاولى قد التفتت إلى إعمار وتطور جنوب السودان بعد الاستقلال.. لكن القوى الأجنبية دائماً وأبداً تتآمر عليهم ضمن شعوب إفريقيا لكي يظلوا في حاجة مستمرة إلى الرجل الابيض .. وفي كل شيء..وهذا يفتح المجال لنهب الموارد. وقد حصل.
> (ما في جنوب بدون شمال) نعم.. و(مافي جنوب بواشنطن وإسرائيل) نعم..إن مصدر المشكلة مفهوم.. ولو كان جنوب السودان قد فقد الشمال.. فعليه أن يتنبه لمؤامرات واشنطن وإسرائيل.. فهي ذات بصمات واضحة جداً يمكن أن تلمسها بالنظر إلى انهيار الأمن بعد الانفصال.. بحرب سلفا كير ومشار .. ثم انهياره بعد اتفاق سلفا كير ومشار.
> ورغم المشكلات الأمنية هناك التي تشاهدها واشنطن وإسرائيل باستمتاع شديد.. فإنهما يحرضان حكومة جوبا على دعم قطاع الشمال وحركات دارفور لنسف استقرار السودان. فماذا تفهم إذن.. من كل هذا؟! تفهم أن العدو الحقيقي معروف .. ويجب الوقاية من عدوانه.
غداً نلتقي بإذن الله.