تحقيقات وتقارير

في الهجوم على الصحافة أين كانت البرلمانات يومئذٍ


في بادرة (غريبة) لم تعهدها وسائل الإعلام،وبالذات الصحافة المقروءة، خرج أحد نواب البرلمان عن (المألوف) وشن هجواً(كاسحاً) على الصحافة ووسائل الإعلام المختلفة. وقال العضو المحترم أن الإعلام يقوم بتنفيذ ما عجزت المعارضة والحركات المسلحة عن تنفيذه، وضرب العضو – لا فضّ فوهُ- بصحفيين البرلمان المثل بأنهم خير دليل على الكلام الذي قال به.
< النائب البرلماني الذي وه هذا الإتهام للصحافة هو فضل المولى الهجا، بل مضى لأكثر من ذلك عندما قال أنها- أي الصحافة- هي عدو السودان الأول، ووصفها بـ (الهدامة) < النائب المحترم بنى هجومه ذاك، على أن السودان شهد نقلة إقتصادية وصحية كبيرة وقال إن ما عملته الإنقاذ لم يحدث في تاريخ السودان، لكنه قال إن الإعلام هو (العدو الأول) للنهضة وعاجز عن عكس هذه الإنجازات. < ماذكره النائب المحترم في حق الصحافة والصحافيين تجاوز حد (المعقول) لأنه رماها (ضربةلازب) بعدم الوطنية وأنها عدو السودان الأول اليت تقوم بتنفيذ ما عجزت عنه المعارضة والحركات المسلحة، وكنت أخشى أن يرمي -النائب المحترم- الصحف والصحافيين بالعمالة والخيانة الوطنية، وحمدت الله على أنه لم يفعل. < كان بعض المسؤولين عندما تشتد عليهم(موجات) النقد الصحفي (الشرس) على أدائهم، ويقومون بوصم (الصحافيين) أو (المحررين) بتهم من شاكلة (جهلاء) أو (أغبياء) أو… ، ولكن لا تعتد إساءاتهم هذه المرحلة .. أما النائب فضل المولى جاء بها (على بلاطة) هذه المرة. < كنت أتمنى لو أن النائب المحترم أكمل جميله بالمرة وطالب السلطات ليس بـ ( مصادرة) الصحف، أو إعتقال الصحافيين، لكن بـ (إغلاق) هذه الدور التي تمارس الخراب وتحمل المعاول الهدامة التي تهدم بها الوطن ونماءه ونهضته.. لكنه أيضاً لم يفعل. < لم أعرف الدوافع التي ساقت هذا النائب لمثل هذا القول، وعجزت عن فهم الأسباب والدوافع،لأن الطبيعي أن يقف النائب إلى صف الصحافة، لاأن يحمل(السيف) لمواجهتها، لأن كلا السلطتين التشريعية والصحفية يخرجان من (مشاكاة) واحدة، هي رقابة الجهاز التنفيذي، لكن كل سلطة منهنّ لها اسلوبها الذي تتخذه لتحقيق هذا العمل. < البرلماني يمتلك سلطة اللسان الذي يتحدث به (ناقداً) لواقع الحال ومتعقباً لـ(أخطاء) الجهاز التنفيذي، ويمتلك سلطة إثارة القضايا ونقاط النظام،ويمتلك سلطة سحب الثقة من أي مسئول. < وكذلك الصحفي لا يملك غير قلمه، ويقّوم به ما إعوج من أداء المسؤولين، ويتخذ في ذلك أسلم السبل لتتبع المعلومات وملاحقة الاحداث، وإستنطاق المصادر، ويتكبد في ذلك (المشاق)، وهو لا يملك ( حصانة) تقيد غضبة المسؤولين، وهو على إستعداد كامل للوقوف أمام المحاكم دفاعاً عن ما قاله وما كتبه. < أن تركز بعض الصحف (لأن بعض الطن إثم) على أخبار الجريمة،وتصور المجتمع السوداني بالمجرم، أو كما قال النائب المحترم، لايشكل هذا في حد ذاته ( منقصة ) في حق الصحافة، لأن الصحافة تقبل التقييم والتقويم، مثلما إنها تقبل بالوقوف أمام القضاء وتعتذر بإحترامه < (الغريبة) أن السيد والي ولاية الخرطوم قال إن الصحفيون هم خط الدفاع الأول عن الوطن في ذات اليوم الذي إتهم فيه البرلمان الصحافة ووصفها بأنها العدو الأول للسودان. < الصحافة تحتاج لإعتذار رسمي من البرلمان، ا لذي صادق على قانونها وأجازه من داخل قبته، والصحافة محتاجة لـ (وقفة) من إتحادها، والصحافة محتاجة لتصريح من وزارة الإعلام التي تعمل في كنفها.. لأن الصحافة عرفت الوطنية منذ ما قبل الإستقلا عندما نافحت المستعمر بالكلمة والمقال وطارد المستعمر روادها بالسجن والنفي والتشريد.. أين كانت البرلمانات يومئذٍ؟ .الوان