مقالات متنوعة

احمد المصطفى ابراهيم : ونقصنا “زيادة”


صباح الخميس والإذاعات والقنوات تتناقل اختفاء الطائرة المصرية القادمة من باريس، خبر عام تتابعه كما يتابعه الناس. بعد قليل الواتساب يتناقل الخبر وبه جنسيات الركاب المفقودين وبينهم – حتى ذلك الوقت – سوداني واحد. تقرأ الخبر عادياً مع همهمات بالترحم عليهم، وقد تخص ابن بلدك بدعوة اللهم ارحمه واغفر له.
وتأتي الصدمة اتصال من الأخ محمد عبد العاطي. يا أحمد خبر حزين محمد صالح زيادة في الطائرة المنكوبة كان في طريقه لتلقي العزاء في والدته. وأصيح إنا لله وإنا إليه راجعون.. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. اللهم ارحمه واغفر له.
ويأتي شريط طويل من أيام كلية التربية محمد صالح زيادة سبقنا اليها أي (الدفعة القدامنا كما يقولون)، وطلاب التربية في ذلك الزمان قليلون يعرفون بعضهم بعضاً لقلة العدد وأنهم محصورون في مكان واحد يتفرقون في الداخليات ويجتمعون ليلاً في النادي الرحيب الواسع.
لا تمنع التخصصات المعرفة، فطلاب الآداب وطلاب العلوم يعرفون بعضهم جيداً. امتاز محمد صالح زيادة بشخصية محبوبة للجميع، رجل معتدل ومهذب ومرح كانت له ضحكة مميزة يعرفها الجميع. (يشهد الله ما زال صوتها يرن في أذني).
كان تخصصه اللغتين الإنجليزية والفرنسية، وكان هذا التخصص وجهة كثير من طلاب الآداب. إذ تغريهم فرنسا بسنة بعد التخرج يقضونها في فرنسا يستفيد منها الطلاب كثيراً على عدة أوجه.
ذهب محمد صالح زيادة الى فرنسا ولم يعد ومعه آخرون فضلوا البقاء هناك منهم من أراد زيادة علم ومنهم من فكر في العمل والتمتع بالمزايا الأوربية الكثيرة.
انقطعت أخبار محمد عني ولم أسمع أو أقرأ عنه إلا في مقدمة طبعة باريسية لديوان الراحل صلاح أحمد إبراهيم غابة الأبنوس إذ أفرد له صلاح، رحمه الله، شكراً خاصاً، صراحة فرحتي بذكر محمد فاقت فرحتي بالديوان (لأنها ليست طبعته الأولى).
قبل سنة تقريباً في زيارة لمحمد صالح زيادة للسودان جمعنا الأخ الودود جامع الإخوان دائماً محمد عبد العاطي في منزله العامر بقرية عمارة ابيد بالقرب من أربجي على شرف محمد صالح زيادة ولفيف من الإخوة الأفاضل من طلاب التربية ومن دفعات متفرقة مع التركيز على دفعتهم محمد ومحمد.
كان يوماً ممتعاً تشرفنا بكثير من الصحاب بعد طول غياب، ولكن الفرحة الكبرى المشتركة هي وجود محمد صالح زيادة المحتفى به. الجميع أحباء الذي يجمعهم أكثر من الذي يفرقهم. كان للأسف ذلك اللقاء الأخير في هذه الدنيا، نسأل الله أن يجمعنا به في الفردوس الأعلى.
كما تداولت الأوساط الإعلامية جميعها في اليومين الماضيين محمد كان عالماً بلغات ثلاث العربية (رغم أن مسقط رأسه في جزيرة العربية ليست لغتها الأم) والإنجليزية والفرنسية، وقد عمل في اليونسكو ومعروفة هي مواصفات من يعمل في اليونسكو.
اللهم ارحم د. محمد صالح زيادة رحمة واسعة وألزمنا وأهله الصبر.