الطيب مصطفى

عثمان ميرغني والعدالة الاسرائيلية!


أوشك الأستاذ عثمان ميرغني أن يشرق إعجاباً بما أطلق عليه (العدالة الإسرائيلية)، حيث انتقى واقعة حكم بالسجن على رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت بتهمة تورطه في قضية رشوة قدرها (144) ألف دولار، وطفق عثمان يتغزل في عدالة إسرائيل ويهيم بجمالها وجلالها ربما بأكثر مما فعل قيس بليلى وجميل ببثينة، متجاهلاً تماماً ومتناسياً أن تلك الدولة المغتصبة قامت على (أنقاض) الملايين ممن سفكت دماؤهم وأزهقت أرواحهم من أبناء فلسطين جراء بغيها وعدوانها وظلمها وطغيانها وفجورها.
عثمان ميرغني يتناسى مبدأ راسخاً استقرت عليه جميع الشرائع والمواثيق الدولية يقول بإن العدالة قيمة مطلقة لا تتجزأ، فإذا كان عثمان مغرم بما سماه حقوق المواطنة في (قانون إسرائيل) والتي قال إنها (لا تمنح ميزة لوزير دون خفير)، فإن ذات القانون الإسرائيلي الذي يطرب له عثمان ميرغني ويذوب حباً وغراماً هو الذي يقتل ويسحل أصحاب الأرض من الفلسطينيين ويدمر مساكنهم ومنشآتهم ويطردهم من أرضهم ووطنهم ويأتي بأجانب من روسيا وأمريكا وأثيوبيا ومن أركان الدنيا وأطرافها ويبني لهم مستوطنات في ذات الأرض المغتصبة.
مشكلة عثمان الدائمة تتلخص في تلك العين الحولاء التي لا ترى إلا ما تريد أن تراه وليس ما هو منتصب أمامها مما يراه الجميع ..إنها عين الرضا المغمضة عن كل جرائم وعيوب (الحبيبة) إسرائيل وهي كذلك عين السخط التي تجيد البحث عن العيوب في من تبغض وتمقت.
(حقوق المواطنة) التي لا تفرق بين الوزير والخفير .. هكذا سماها عثمان بدون يطرف له جفن وبدون أن يسأل نفسه عن معنى المواطنة في دولة تستعبد وتسترق (المواطن) الحقيقي الذي عاش أجداده في أرض فلسطين منذ آلاف السنين وتقتله وتدمر بيته إن أبدى أي اعتراض على اغتصاب أو احتلال أرضه أو مسكنه وتفرض عليه وبالقانون ألا يعترض على سرقة بيته وأرضه المحتلة من قبل أجنبي مهاجر من دولة أخرى يمنح حق (المواطنة) قبل أن تطأ قدماه أرضه الجديدة .
إنها العدالة العرجاء يا عثمان لكنك لحول أصاب عينيك منذ أن فقدت البوصلة وتنكبت الطريق لا تستطيع أن ترى ملكك العريان الذي لا تملك إلا أن تراه متسربلا بأبهى الملابس وأغلاها وأسترها رغم أنه مجرد حتى من ورقة التوت.
ليت عثمان نظر حوله ليرى مثالاً أصدق وأعظم من أنموذج محبوبته إسرائيل ..ليته نظر إلى اثيوبيا الجارة الأقرب نسباً وصهراً واستشهد بما فعلت حين سجنت أول رئيس وزراء بعد الثورة (تامرات لايني) الرجل الذي قدم لثورتها على طاغيتها منقستو ما لم يقدم أولمرت معشاره لإسرائيل ..سجنته (18) سنة في قضية فساد لم تتجاز (40) ألف دولار، كما سجنت وزير دفاعها (أشيا أبرهة) الذي لم يشفع له أنه كان قائداً لجيشها الثوري .
لكن عثمان ينظر بعيداً بعيداً باحثاً عن مثال العدل والانصاف والعظمة عند أحبابه الخواجات وليس عند (الفقرانين) من أهلنا الأفارقة.
هل نسيتم أن أول عدد من صحيفته بعد عودتها (الظافرة) حمل عنواناً كبيراً في الصفحة الأولى 🙁 القائم بالأعمال الأمريكي يصف صحافيي التيار بالأبطال)؟! لو صدر ذلك العنوان على لسان أحد أقطاب المعارضة السودانية لربما سعدت به، لكن عثمان المتيم بالخواجات ينظر وراء الحدود ولا يهمه إلا رأي ذلك الأمريكي الحقير الذي ينبغي أن يصمت حين يتحدث الناس عن قيمة العدل وعن تقييم الرجال، فوالله إن الأبطال الحقيقيين هم من يطؤون المواطئ التي تغيظ أمريكا ومن يصلون أسرائيل بنيرانهم، فمن غير أمريكا يحرض دولة بني صهيون على احتلال (الأقصى) أولى القبلتين التي يجب شرعاً على كل مسلم أن يبغض ويحارب من يحتلها ويعين على احتلالها؟
لن أنسى حين كتب عثمان من العاصمة الأمريكية التي كان قد دعي إلى زيارتها .. كتب من فندقه المخملي وربما من داخل مبنى الشرور والآثام (وزارة الدفاع الامريكية) متغزلا في أمريكا في نفس الأيام النحسات التي كانت الطائرات الأمريكية خلالها تدك بغداد وتزيح الشهيد صدام حسين ..كتبت وقتها مقالاً ملتهباً أنعى فيه عثمان ميرغني ظاناً أن ذلك سيؤثر فيه ولكن متى كانت المكتولة تسمع الصايحة؟
قيم العدالة المطلقة نستقيها من ديننا يا عثمان وليس من دولة البغي والعدوان إسرائيل فعندما قتل مسلمون بعض المشركين في الأشهر الحرم المحرم فيها القتال لم يجامل قرآن ربنا المسلمين وصدع بقول الحق سبحانه وتعالى:
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ …)، فقد أقرت الآية بدون (لولوة) وبدون أدنى مجاملة أو شعور بالحرج الذي يمكن أن يصيب المسلمين..أقرت بأن المسلمين ارتكبوا كبيرة لكنها أشارت إلى أن الكبائر التي يرتكبها المشركون أكبر .
لو انتهج عثمان هذا النهج وكتب إلى جانب ما سطره حول معشوقته إسرائيل أنها دولة باغية وظالمة لربما وجدنا له العذر لكنها العين الحولاء التي تشكر (الراكوبة في الخريف)، ووالله أن الراكوبة أفضل مليون مرة من تلك الدولة المارقة التي أسأل الله أن يرينا فيها وفي أمريكا أكثر مما أصاب عاداً وثمود.
تأمل يا عثمان قول الحق سبحانه وتعالى وهو يضع لنا المنهج الرباني : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)
أي لا يحملكم بغضكم لقوم ألا تعدلوا ..إنها العدالة الربانية المطلقة فهلا رجعنا إلى ديننا بدلا من التعلق بالأوهام وأهواء الأنفس الأمارة بالسوء؟!


‫4 تعليقات

  1. هذا الرجل لم يتعظ به ومازال سادرا فى غيه ويظن ان لا أحد غيره أعلم بما يدور فى هذا العالم وانه مصلح الكون ، وهذه الازدواجية الامريكية فى العدالة التى يطرب لها عثمان ميرغنى ويتغنى بها عله ان يجد له كرسيا فى قابل الأيام فلا يلومن الا نفسه هذا الرجل اذا باغته احد الغلاة وازال رأسه عن كتفه !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

  2. هو تحدث عن ممارسة هؤلاء للسلطة بين انفسهم وكيف يحاسبون انفسهم ويقومون ميزانة العدالة بينهم ولم يتدحث عن صراعهم مع الغير اودينهم فما تحور المواضيع العالم كله من زمن محمد عبده يشهد ان الغربيين اغلبهم يلتزمون بالقوانين بينهم لهم سلبيات نعم لكن هذاليس الوضوع

  3. الاستاذ الفاضل الطيب مصطفى كلنا فهمنا ما أراد أن يقول الاستاذ عثمان ميرغني من مقاله فهو ضرب مثالا لأشخاص رفعوا شعار كل شيء لله وادعوا انهم جاءوا ليملأوا الارض عدلا بعد ان ملئت جورا ولكنهم فسدوا وافسدوا ولم يقيموا عدلا واشخاص لا دين لهم وبهم كل موبقات اهل الارض ولكنهم اقاموا العدل بينهم اذا سرق فيهم الشريف اقاموا عليه الحد (حد القانون الذي وضعهوا) ولم يشفع له منصبه وجاهه وسطوته.. هذه هي المفارقة التي اراد عثمان ميرغني ان يلقي الضوء عليها فنحن فهمنا ما أراد ونحن أو أنا لم اصل الى ما انت فيه من علم وتعليم فكيف جهلت ما أراد ام انك تتجاهل وتريد فقط الاساءة الى الرجل ووصفه بما ليس فيه..
    انا لا ادافع عن الرجل فهو قادر على ذلك ولكن حديثه بيّن ولا يحتاج لشرح وكثير منا معجب بتجارب الغرب ومن شاكلهم في غير الدين فالحكمة ضالة المؤمن…