تحقيقات وتقارير

الوظائف العامة .. البحث في مناجم المستحيل..!


لا يخفى على أحد رداءة الاقتصاد السوداني الذي خلف وراءه أعداد كبيرة من العطالة، حالة من الإحباط ساورت الخريجين وغيرهم من الشباب الذين لم يجدوا وظائف في القطاعين العام والخاص.. سيما وان هناك ازدياد متطرد لخريجي الجامعات والمعاهد والكليات، ليقابلها ارتفاع نسبة البطالة، التي تخلق سلبياتها على المجتمع، ليتجه الشباب للعمل في الأعمال الهامشية، بجانب هجرة المئات من الكفاءات او من الأشخاص يحملون شهادات علياء. ألوان فردت مساحة وجلست مع أهل الشأن بالإضافة إلي الشباب الذين أبدو تخوفهم اللا محدود من الهرولة نحو لجنة الاختيار التي اتهمت بالتعامل بالمحسوبية والمحاباة والواسطة. لفئة دون الأخرى.

< الاتجاه للعمل الخاصجلست ألوان إلي العديد من المواطنين وسالتهم حول عزوف الشباب من التقديم للوظائف عبر لجنة الاختيار.. لتقول المواطنة مروة عبد الرحمن لـ(ألوان) أنها ملت من القديم عبر لجنة الاختيار، وأضافت: حاولت كثيراً لكنني لم أوفق لانعدام الواسطة فاتجهت للعمل الخاص، ووجدته أفضل سوا بالمرتبات العالية، ضعف المرتب الحكومي..بينما قال معاذ حسن لـ (ألوان): ليس مجدي أن يضيع الشباب الطاقة الحيوية في عمل حكومية لا يسمن ولا يغني من جوع فالمرتبات ضعيفة ولا تؤمن حياة كريمة ولا طموحات الشباب أما الأعمال الحرة فيها دخل مجزي.. أما مواطنه حسام الدين مصطفى قال لـ(ألأوان): أن المنصرفات أكثر من الدخل، لذا أفضل المهن الحرة، بدلاً عن الوظيفة لأن العائد فيها أعلى من الرواتب الحكومية وحتى الذين يعملون بالوظائف لجئوا للأعمال الحرة من أجل زيادة الدخل. ويرى أن الأعمال الحرة أفضل من الوظيفة لأنها لا تعتمد على دوام محدد. مضيفاً: أيضاً هي لا تحتاج لتخصص معين.< إنعدام الطموح لدى الشباببروفيسور عبد الرحمن أحمد عثمان أكد لـ(ألوان) أن هناك انعدام في الوظائف وتوريثها ووجود الواسطة التي تجعل المدراء والمسئولين يقومون بإدخال أبناءهم وأقرباءهم وأن عدد الخريجين يفوق قدرات الميزانية الحكومية، وأضاف بالقول: أن عدد الخريجين قرابة الـ(200) ألف خريج سنوياً والحكومة توظف 0.5٪ من الخريجين، مشيراً إلى تدني الأجور التي تبلغ(1250) جنيه، فقط ألف ومائتان وخمسون جنيه في الشهر كحد أدنى ليعيش الفرد حياة كريمة اثنان ألف ومائتان وخمسون على الأقل (2.250) جنيه، إذا قسمت فقط على المأكل والسكن والملبس والموصلات فقط بعيداً عن الرفاهيات لذلك اتجهوا لمهن أخرى حرة كالهجرة نحو مناجم الذهب وقيادة المركبات والبناء وهي أعمال هامشية، وقال العجز النفسي وانعدام الطموح وعدم الرغبة في تحمل المسؤولية والعيش في عالم افتراضي بفعل العولمة. واعتماد الشباب علي أسرهم في كل شئ أدي إلي حالة الإحباط الوظيفي، واستشهد عبد الرحمن بمثال قائلاً: خريج الزراعة يرغب أن يصبح موظفاً في حين أن الأراضي شاسعة متوفرة للزراعة. فتدني سقف الطموح والعولمة وبعد الحداثة أوجدت ما يسمى بالفر دانية، ناصحاً الشباب بأن يوسعوا طموحاتهم وإلا سوف يتشظى المجتمع في ظل كلما يحاك للبلاد من فتن.< ضيق الفرص والمطلوبات التعجزية:من جهته قال د. حمد مالك لـ(ألوان) أن البطالة موجودة للأسف والسودان أصبح من الدول البارزة جداً، البطالة هي ناتجة من إدارة الاقتصاد الكلي، وأيضاً تخوف الشباب من التعامل مع البنوك التي تدعم الشباب فالتمويل الأصغر وبنك الأسرة لأن المحسوبية والواسطة وضيق الفرص والمطلوبات التعجيزية جداً، وعزا حمد ذلك إلى أن الشباب تعلم على أنه تخرج ليوظف في مجال دراسته ويتفاجأ بواقع آخر ويلجأ لعمل ثاني بعيد عن تخصصه. مردفاً: كما يعتقد أن تربية وثقافة المجتمع أنجبت جيل ضعيف أعتمد على آبائهم وكانوا يتكفلون بالرسوم الدراسية لهم. وأنها جعلت منهم عاجزين معتمدين على الأسر. وقال البعض لم يتعلم على مهن في مراحل عمرية مبكرة، وان المناهج مختلفة عن الواقع لذل يعمل الخريج في غير مجاله، والمأساة الحقيقية في عدم وجود إستراتيجية قومية وتدني الاقتصاد الكلي والتعليم يتماشى مع سوق العمل.< البحث عن وظيفة حق قانوني:أكد د. أشرف أن تزايد حجم الخرجين في كافة التخصصات وأكبر بكثير من فرص الوظائف التي تتيحها المؤسسات الحكومية وغير الحكومية عبر لجنة الاختيار، ولكن سياسة المخططين بالدولة لا يضعون سياساتهم على أساس عدد الخريجين في السنة وكمية الوظائف المتاحة في المؤسسات الحكومية والخاص فلا توجد خطة واضحة تتناسب بين الوظائف المتاحة. وقال: جامعة النيلين فقط تخرج سنوياً ألف طالب وطالبة سنوياً في مجال المحاسبة ناهيك عن بقية الجامعات فهذا العدد مقابل الفرص المتاحة للمحاسبين تكون ضعيفة جداً غير أن الواسطة و-الحديث لحمد- والعلاقات التي تضيع علي أحد ما فرصة توظيفه في تخصصه، يوجد مثلاً خريج علم الاجتماع يعمل في بنك وهذه شكل من أشكال الفساد الإداري والاجتماعي والسياسي وتلك الحقوق التي يجب أن تكفلها الدولة لكل مواطن فالتوظيف حق للطالب وأن الطالب يجب أن يعمل حسب كفاءته والسودان والدول المشابهة لا تأخذها ببعدها وتوفير العدالة لكل شخص لذلك نجد التحلل الواضح وأن عدد كبير يضطر للاتجاه للأعمال الأخرى أو أن يعود إلى مركبة فالعمل لكسب الرزق سمة من السمات الإنسانية المصاحبة للبشر كالجوع والعطش. وقال حمد: الدولة التي تسعى للتقدم تراعي تلك الحقوق لكل مواطن أن يجد الفرصة في العمل تكون مرضية له لا تؤثر عليه نفسياً فكون أن نجد طبيباً أو مهندساً أو خريج علم اجتماع أو فلسفة ويعمل مثلاً (كمساري) يكون في صراع نفسي عنيف جداً أو حاد الطباع أو تقوده لتعاطي المخدرات وعدم وجود عمل والبطالة معروفة النتائج. وأكد أنها هدر طاقات تحتاج لتخطيط دقيق في بلد واسع في طور النمو وأبان ان المجتمع السوداني مجتمع شاب حسب تقرير التعداد السكاني وشبه الشباب 15% تقريباً كما نوه أن سلبيات الترقيات هو الذي يحد من وجود شواغر بالمؤسسات والاتجاه للعمل الحر مقارنة بارتفاع الأسعار والتدهور الاقتصادي والمرتبات يمكن أن تكون مجزية لو أن قيمة الجنيه تعادل قيمته الفعلية.< عدد الخريجين يفوق الوظائف المطروحة:فيما أكد المدير التنفيذي للجنة الاختيار بابكر عمر محمد على أن عدد الخريجين أكثر من مائتان وخمسون ألف خريج سنوياً بينما يطرح سوق العمل مالا يتجاوز الخمس وعشرون ألف وظيفة كما أشار أن التقديم يتم بعدة طرق مباشرة أو إلكترونياً والوظائف تأتيها من الجهة الطالب للموظفين وتضع الشروط والمواصفات وتقوم اللجنة بعمل المعاينات وتكون اللجنة معاينات من خمسة أشخاص رئيس محايد واثنان من الجهة الموظفة واثنان مقررين من اللجنة، وأكد على أن الوظائف يتقدم لها بالآلاف ويتم قبول مائة وخمسون كحد أدنى.بينما قال عضو المكتب التنفيذي للهيئة الفرعية للعمال (الأعمال الحرة للحرفيين) آدم فضل لـ(ألون): اتجاه الشباب للأعمال الحرة مرتبط بسياسيات التعليم ومخرجاتها من الكليات النظرية ولابد أن ترتبط بسوق العمل. وأكد ادم أن نسبة الخريجين كبيرة جداً بالمقارنة مع الوظائف فهي ضئيلة، وأوضح أن هناك أكثر من ثلاثون حرفة تحتاج لخبرات وإمكانيات والحرف والقطاع الحر مهم جداً لابد للدولة أن تهتم به. وضرورة توفير دورات تدريبية بالخارج في كافة المجالات مثل البناء والحدادة والتجارة وعدم الاحترافية الكافية هو الذي يتسبب في إغراق السوق بالمنتجات الماليزية وغيرها. وأشار إلى أهمية القيام بتعاونيات تدعم مجالات الزراعة والبيطرة والتربية الحيوانية وأكد أنه في حال وجود دراسة جدوى حقيقية لا أعتقد أن تفشل مثل هذه المشروعات والتخريج المنتج.< ترهل الخدمة المدنية:الموظف بديوان الحكم الاتحادي محمد أحمد عبد الرحمن، قال لـ(ألوان): هناك عدة أسباب في اتجاه الشباب للأعمال الحرة يتمثل في ضعف المرتبات بالوزارات والمؤسسات الحكومية وأن الخدمة المدنية تعاني من ترهل كبير لأنه إذا أخذنا مثلاً الهياكل الوظيفية ستجد أن القوة التي تحتاجها أقل من القوة التي ترغب في الوظيفة وأن الترقيات بطيئة جداً ففي السلك الوظيفي تتم الترقية بعد عشرة سنوات وبالتالي يتجه الشباب للأعمال الحرة والدخول للسوق فهو سريع الربح وبه فوضى في الأسعار حيث أنه إذا كان يبيع سلعة يمكن أن يزيد السعر ولا يوجد من يمنعه.الوان