تحقيقات وتقارير

الرسوم يتم تحصيلها مرتين ودون إيصال مالي المعابر الحدودية.. سودانيون عالقون في وحل الجبايات


إن كان “السفر قطعة من نار” أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصد به تبيان الرهق الذي يلازم من يشد رحاله قاصداً وجهة أخرى، إلا أن قطعة النار هذه يبدو أنها أخذت توصيفاً جديداً غير رهق المسافات وتطاولها، والسبب هذه المرة ليس المسافات ولا صعوبة حركة التنقل بقدر هي ما اصطلح على تسميته بـ”السماسرة ” الذين يباشرون عملهم على المعابر الحدودية ونقاط العبور لتحصيل أموال من المسافرين كرسوم يتحكم فيها هؤلاء السماسرة، وأوجدت هذه الظاهرة غبناً بائناً خرج على ألسنة من أكتوى بنارهم ممن شد رحاله قاصداً بلاد الفراعنة، ففي معبر أشكيت البري الذي تم افتتاحه العام الماضي ليربط بين شطري وادي النيل الكثير من تلك المخالفات التي واجهها السودانيون خاصة من موظفي محلية وادي حلفا الحدودية وهم في طريقهم لبلاد الكنانة.

رسوم بلا إيصال
ما ليس غريباً على المسافرين عبر وادي حلفا أن يسددوا رسوماً متعارفاً عليها للعبور، وهي رسوم قانونية تبلغ قيمتها “50 ” جنيهاً تسدد عند المعبر قبل دخول الأراضي المصرية، بيد أن ما يثير الغرابة في شأن هذه الرسوم المسماة برسوم العبور أنها يتم تحصيلها مرتين، ففي وادي حلفا عليك أن تدفع مبلغ ” 95 ” جنيهاً من قبل المحلية وهي تسمى برسوم الجواز ويتم تحصيلها بلا إيصال.

وأكدت متابعات (الصيحة) أن المسافرين جميعاً يسددون المبلغ لافتاً إلى مواجهتهم بإجراءات تفتيشية وصفها شاهد عيان بالمشددة، مؤكدًا على تشكيكه في ماهية هذه الرسوم، وقال: لا نعرف على وجه الدقة من وجه بتحصيلها ولا تحت أي بند تُحصل، وأشار إلى أن أحد المواطنين وجهه بعدم سداد هذه الرسوم نظرًا لكونها غير قانونية، وخلص إلى القول “سددتها رغم عدم قناعتي لأتمكن من مواصلة طريقي بلا عقبات”.

شواهد ماثلة
وبطبيعة الحال من اليسير تصديق مثل هذه الأحاديث لا سيما وأن شواهد ماثلة تؤكد على فوضى في تحصيل الرسوم العبور من المسافرين على حدود البلاد الشمالية سواء بداخل البلاد أو على مشارف الأراضي المصرية، كما أن لوالي الولاية الشمالية المهندس علي العوض حديثاً جهر به قبل نحو أربعة أشهر، فقد خرج الرجل على الملأ متحدثاً عن معاملة السلطات المصرية للمواطنين السودانيين بطريقة أقل ما توصف بـالاستفزازية لا سيما بعد دخولهم الأراضي المصرية عبر معبر أشكيت البري الرابط بين البلدين، حيث يتم توقيفهم في الطريق وتفتيش أمتعتهم ومعاملتهم بصورة سيئة.

خلاصة ما ذهب إليه العوض هو قوله إن السودانيين يتم إنزالهم في معبر قسطل التابع للجانب المصري وتفتيشهم قبل السماح لهم باستقلال عدد من الترحيلات كي يستفيد المصريون مالياً .

قانون العبور
خلال افتتاح معبر أشكيت البري الرابط بين السودان ومصر العام الماضي وقع الجانبان المصري والسوداني على اتفاقية لتشغيل المعبر وتكون قانوناً ينظم العلاقة بين الدولتين لمرور الشاحنات والبصات السفرية ودخول المواطنين، لكن لم تلق الحكومة السودانية بالاً لنص مضمن بإحدى مواد الاتفاقية مما تسبب في مشاكل كبيرة لاحقاً لا سيما في الولاية الشمالية التي شُيد المعبر في أراضيها وكل السيارات والشاحنات تعبر من خلالها وتقول إحدى المواد “يسمح للشاحنات المصرية ذات الترخيص الخاص بزيادة حمولتها لأكثر من 46 طناً المتفق عليها بين الدولتين” هذا النص وبحسب إفادة والي الشمالية المهندس علي العوض وسلطات إدارة معبر أشكيت من الجانب السوداني جعلت الجانب المصري يستغل هذا الخلل في المادة بحيث تقوم بزيادة حمولة الشاحنات تصل حتى 80 طناً للشاحنة الواحدة الأمر الذي تسبب في “هشاشة” الطريق الرابط بين المعبر بالولاية الشمالية، وصولاً حتى ولاية الخرطوم، ونوه والي الشمالية إلى أنه أخطر وزارة الطرق والجسور بهذا الأمر، مشيرًا إلى أنها لم تفعل شيئاً حياله. وتقول سلطات معبر أشكيت أن الجانب المصري امتنع عن تخفيض حمولة الشاحنات المصرية عازياً الأمر إلى أن الشاحنات ذات الترخيص الخاص مسموح لها بزيادة حمولتها وفقاً للاتفاقية، فضلاً عن أن الطرقات داخل مصر لا تتأثر بزيادة الحمولة.

إشكالات قديمة
معاناة السودانيين في المعابر الحدودية خصوصاً في نواحي شمال البلاد ليست وليدة اليوم، فقبل نحو عامين كشف مئات السودانيين الذين عادوا من ليبيا إلى السودان عن صعاب جمة واجهتهم ومشاكل لا حصر لها شكلت عقبة في طريق عودتهم، ومنها تصرفات السماسرة وطلبهم للمال حتى يسمح بعبورهم لداخل البلاد عبر ذات المنفذ “السلوم” الحدودي بين مصر وليبيا وأشار العائدون حينها إلى إرغام المسافرين على دفع مبالغ كبيرة من أجل السماح بدخولهم أو خروجهم من وإلى داخل السودان، وقالوا إن البعض من زملائهم لقوا حتفهم جراء الألغام والبعض الآخر أطلقت قوات حرس الحدود الليبية النار عليهم بجانب اعتقال العديد منهم وإجبارهم على العمل مجاناً دون أي مبالغ مالية، وقالوا إن اكثر من 30 شخصاً يتم اعتقالهم في غرفة صغيرة جداً مع عدم وجود طعام كافٍ لهم .

الخرطوم: جمعة عبد الله
صحيفة الصيحة