أبشر الماحي الصائم

تشريعي الخرطوم.. موجة غلاء مرهقة


في صحف الأمس يسجل المجلس التشريعي لولاية الخرطوم، اعترافاً باهظاً وفر تمويلاً مهنياً لمعظم خطوط الصحف الأولى، ويتمحور الاعتراف حول الجهر بأن (موجة غلاء مرهقة تضرب أسواق الخرطوم)!! فبينما يذهب الكثيرون على أثر هذا التصريح في قوافل على شاكلة (ياود المهدي الجابوك تهدي)!! أنظر إليه في المقابل بنظرة إيجابية.. كما لو أن القوم قد تمكنوا بهذا التصريح بقطع نصف شوط المضمار.. على أن يعملوا في المقابل لملء نصف الكوب الفارغ !! فغير أن الاعتراف فضيلة وقيمة في حد ذاته، هو أيضاً تشخيص منطقي وشفاف لما يجري في أسواقنا بين يدي الشهر الفضيل !! * ولئن كان النطق بحقيقة معاناة الناس فضيلة وجهاد أصغر، يصبح أمام المجلس التشريعي إعلان مبدأ (الجهاد الأكبر) لتكملة باقي الملحمة التي تتمثل في تذليل سبل معاش الناس !! * أتصور إن بإمكان المجلس التشريعي (للولاية العاصمة) أن يفعل الكثير في اختراق أزمة معاش الناس، بل لعمري إنها المهمة المقدسة لمفهوم النيابة، فالنواب الكرام أصلاً قد وصلوا على أكتاف الجماهير إلى قبة البرلمان لتذليل معاش الناس، وتيسير أمور الحياة، على أن النيابة موثق وعهد بين طرفين.. الصوت مقابل الخدمة !! * غير أن الذي أخشاه هو أن تذهب كل مجهودات وأنظار المجلس باتجاه الأسواق، على افتراض أن الأزمة كل الأزمة تكمن في جشع التجار ومغالاة السلع!! بحيث لم تكن هذه الجزئية على أهميتها أكثر من عشرة بالمائة من أصل الأزمة، على أن تسعين بالمائة من أسباب ارتفاع الأسعار تتعلق بتحسين عمليات الإنتاج، سيما في ما يتعلق بإنتاج اللحوم والبيض والخضروات والألبان وحاجيات الأسر اليومية، بحيث تعد ولاية الخرطوم، حسب حيثيات المجلس نفسه، إبان تقارير إجازة الميزانية، تعد ولاية زراعية بامتياز وبإمكانها أن تنجز قوت مواطنيها بقليل من الإمكانات وكثير من الجهد، ولا ننسى في هذا السياق أن حكومة الولاية هي من فطنت لهذا الأمر مبكراً، وهي ترفع من نسبة حصة الزراعة من ثلاثة إلى ثلاثة عشر بالمائة !! * ولعمري تعد هذه نقلة كبيرة لها دلالاتها المعرفية الموجبة، بيد أن السؤال الذي يعاد إلى أعضاء المجلس الموقرين هو، هل تمكنت لجان الزراعة والثروة الحيوانية من إنزال طموحات الموازنة المتفائلة على أرض الواقع !! * وهذا ما يجب أن يعمل المجلس في التحري حوله وتفعيله والاعتراف بنتائجه بذات الشفافية، إن كان ثمة تقصير في جهة وزارية ما، ومن ثم تكون الخطوة الأخيرة ضبط الأسعار، والتركيز على توفير السلع الأساسية بأسعار تتوافق مع إمكانية الأسر.. وليس هذا كل ما هناك.