حيدر المكاشفي

ترشيق الحكومة ورشاقة اشراقة


هل أتاكم حديث الآنسة إشراقة التي قتلتها (الرشاقة) وفي رواية (الشلاقة) والمعنى واحد، إنه حديث أوردها موارد الخجل والحرج، والحكاية تقول إن إشراقة هذه كانت رابعة أربع صبيات رائعات كن يسرن معاً لغرض مشترك، وعند أحد المنعطفات وجدن بضعة شباب جالسين عند المنعطف بناصية الشارع، فعنَّ لأحدهم وكان أكثرهم سلاطة ووقاحة أن يتحرش بهن، فشاغلهن قائلاً «سنة يا البلابل»، فما كان من إشراقة إلا أن تصدت للرد عليه نيابة عن رفيقاتها قائلة (نحنا أربعة يا بايخ)، وليتها لم تأبه لهذا الصعلوك وترد عليه، فمثله لا يُرد عليه إلا بالآية الكريمة (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً)، فقد انتهز ردها فرصة ليصفعها بما أخجلها وأحرجها مع رفيقاتها قائلاً (إنتي العداك منو)، هذه هي حكاية (إشراقة الكتلتا الرشاقة) والله أعلم.
ومثل إشراقة فقد (تشالق) علينا أهل الحكم غير ما مرة وبذلوا للناس الوعود المدرارة بأن حكومتهم القادمة ستكون رشيقة القوام، ممشوقة القد، لطيفة الروح والمعشر، تسر الناظرين، ولن تكون كما كانت عجزاء ممتلئة ومربربة تمشي الهوينى كما يمشي الوحي الوجل، بل سيتخلصون من كل الزوائد والشحوم، وذلك لعدة أسباب ذكروها، من أهمها تخفيض النفقات الحكومية في ظل الضائقة الاقتصادية التي ما تزال محلك سر وخروج بترول الجنوب وترشيد الصرف على الوظائف العليا وتوابعها من مخصصات وامتيازات وسفريات ونثريات، ومن جهة أخرى لتكسبها الرشاقة قدراً من الحيوية والفعالية وانسيابية الحركة وسرعة إنجاز المهام، ولكن كل ذلك كان يذهب أدراج الرياح مع إعلان التشكيلة الحكومية الجديدة، وهكذا ظلت الرشاقة تتلقى الضربة تلو الأخرى وتبقى الحكومة سمينة وأمينة ومدوعلة، ولا يدري أحد ما هو الوصف الوظيفي الدقيق لكثير من تلك (الهلمة والهيلمانة) من مساعدين ومستشارين ووزراء دولة ومعتمدي رئاسة، والخ الخ… من وظائف ومواقع اتحادية وولائية ليس من ضرورة لها اللهم إلا أن تكون الضرورة السياسية قد قضت بأن تخلع عليهم هذه الألقاب والصفات، فأفرز هذا الواقع مسميات عديدة لمواقع مختلفة في (كاست الحكم) على قول أهل الدراما لم تكن سوى ألقاب مملكة في غير موضعها أريد بها فقط إيجاد مواقع لمن ارتضوا المشاركة.. والحكمة تقول إن المجرّب لا يجرّب والمعروف لا يعرّف، ولأن كثرة التكرار علمت الحمار، فإن الناس من كثرة ما تكررت على مسامعهم أحاديث هيكلة الحكومة وترشيقها، قد استقبلوا الوعد الجديد بتقليص بعض الوزارات ودمج بعضها الآخر بمقولة (لا جديد يذكر بل قديم يعاد)، خاصة وأن شكل الحكومة المنتظر تشكيلها بعد الإفراج عن مخرجات الحوار الوطني التي طال انتظارها لا تبشر بتقليص وترشيق، بل العكس نظراً لكبر عدد المشاركين، ولكن وأياً يكن حال الحكومة القادمة رشيقة أو عريضة، فلا هذا يكفي ولا ذاك ينفعها للرهان عليه إذا كانت الأحوال العامة ما تزال على التهابها تراوح مكانها..