منصور الصويم

تداعيات مشجع كروي معتزل


لا أذكر بالضبط التاريخ الذي هجرت فيه تشجيع ومشاهدة لعبة كرة القدم بشكل نهائي، لكن الأمر على كل حال لم يحدث هكذا فجأة، بل حدث في تدرج بطيء ربما استقر سنوات إلى أن زهدت بصورة نهائية في كل ما يتعلق بهذه اللعبة.. وفتنة كرة القدم أمر محسوس للجميع، فلو وجدت أي تجمع مهما صغر فتأكد أن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يجتمع عليه هؤلاء المجتمعون هو حبهم لكرة القدم، وانقسامهم الأكيد بين فرقها التي يشجعونها ويحفظون تواريخ بطولاتها وأسماء لاعبيها، والأمر في السودان أصبح لا يقتصر على فرقتي (القمة) الهلال والمريخ؛ بل تعداه إلى تشجيع الأندية العالمية الكبرى.
أما عني فقد اختلفت القصة كثيرا، فقد كنت من أكثر الناس تعلقا بالكرة وتشجيعها إلى درجة تقترب من التعصب، غير تلك المحاولات الشبابية الأولى الحالمة في أن أصير لاعبا شهيرا في هذا المضمار، لكن ما حدث بعد ذلك جعلني دائما في موضع السخرية من الجميع حين يتعلق الأمر بمباراة مهمة تجري أحداثها، أو بنقاش يتجادل فيه الأطراف حول أفضلية ناد على آخر، أو قياس مستوى لاعب بلاعب آخر، حيث يصفونني بالمسطح والجاهل والذي يحيا في كوكب القرود بلا شك. كيف بدأ الأمر؟ ومتى انسحبت من هذا الميدان الحيوي وتخلصت من الشغف اللذيذ؟ ولماذا؟
بدأ الأمر كما قلت تدريجيا، أوله انخفض اهتمامي بنتائج الدوري الممتاز لتقتصر فقط على متابعة مباراة القمة التي تجمع الهلال بالمريخ، وحتى في هذه كنت في بداية الأمر أتهيأ جيدا وأقضي اليوم قلقا إلى حين موعد مشاهدة المباراة، ثم انخفض الاهتمام ليصل إلى السؤال عن نتيجة المباراة فقط، مع القليل من القلق والكثير من الفرح في حال فاز فريقي، وبعض الحزن والأسى إذا حدث العكس. أما في المرحلة التالية فتجاوزت تماما الدوري المحلي لأوقف اهتمامي بالدوريات الأفريقية، حيث أخذت أتابع نتائج فرقنا بـ (وطنية كبيرة) إلى أن وجدتني قد هجرتها وتعلقت بالدوريات الأوروبية وكأس العالم؛ وهي المرحلة الرابعة.
المرحلة الخامسة وصلت بالقضية إلى حدود النهاية، حيث صرت أتابع على الإنترنت منتخبات ما يعرف بأجمل الأهداف، وغالبا يحدث ذلك بالمصادفة ليس أكثر.
في هذه المرحلة صرت أجدني أحس بحالة استحمار عجيبة حين يذكر أحدهم كلمة مباراة متبوعة بكرة قدم.