زهير السراج

أنياب المحافظ .. والجنيه الجاحظ !!


* حملت الأنباء تصريحات لكل من وزيري الإعلام ومحافظ بنك السودان، عن الموقف الاقتصادى المتدهور، وانهيار سعر العملة السودانية مقابل العملات الأجنبية، والضائقة المالية التي تشهدها البلاد منذ حوالي أربع سنوات ولم تفلح كل الإجراءات الداخلية والتغيرات الكبيرة في السياسة الخارجية السودانية في تخفيفها، وظلت تتفاقم من يوم لآخر، وأحكمت قبضتها على رقبة البلاد ولا يدري أحد ماذا سيحدث في اليوم التالي!!
* التصريح الأول تفضل به وزير الإعلام والناطق الرسمى باسم الحكومة الدكتور أحمد بلال الذي خرج من غفوة طويلة ليخاطب الرأي العام عبر، (المركز السوداني للخدمات الصحفية)، النظير شبه الرسمي لوكالة السودان للأنباء ــ مبشراً الشعب أو متوعداً، لا أدري ــ بحزمة من الإجراءات الاقتصادية سيعلن عنها وزير المالية في الأسبوعين القادمين، لكبح أسعار صرف الدولار، والحد من الضائقة المالية!!
* أما التصريح الثاني، فكان من نصيب السيد محافظ بنك السودان، الذي يبدو أن الضغوط تكاثفت عليه هذه الأيام، بإعتباره المسؤول النقدي الأول في البلاد، فأطلق العنان لتصريحاته الملتهبة التي يلقي فيها باللائمة، مرة على المسافرين، ومرة على التجار، برفع أسعار الدولار!!
*وكنت قد أشرت في مقال سابق إلى حديثه في ندوة بمقر المجلس الوطني اتهم فيه المسافرين السودانيين والأجانب بالتسبب في إنهيار سعر الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، بسبب الدولارات التي يأخذونها إلى خارج السودان والتي قدرّها سيادته بمائة مليون دولار فى شهر أبريل الماضي، أخرجها 120 ألف مسافر سوداني و22 ألف مسافر أجنبي، حسب حديثه (ناسياً أو متناسياً كمية العملات الصعبة التي يحملها معهم القادمون من الخارج، أجانب كانوا أو سودانيين مغتربين، بالإضافة إلى تحويلات السودانيين العاملين بالخارج، كما أنه لم يوضح لنا نصيب الوفود الرسمية وآلاف المسؤولين الذين يسافرون الى الخارج كل شهر من الدولارات المسافرة)!!
* المحافظ كشر عن أنيابه هذه المرة وأعلنها داوية وصريحة بأن المتاجرين في العملة لا بد أن يحاكموا بتهمة (الخيانة العظمى)، كأنه يريد أن يقنعنا (خبط لزق) بأن إرتفاع سعر الدولار وإنهيار سعر العملة السودانية، سببه الرئيسي والوحيد هو المتاجرون بالعملة الأمر الذي يستدعي محاكمتهم بتهمة عقوبتها الإعدام، أو السجن المؤبد في أفضل الأحوال!!
* وكان السيد وزير المالية، قد عزا في تصريحات سابقة، إرتفاع سعر الدولار للمضاربات، وقال إن السعر الحقيقي للدولار يجب ألا يتجاوز 7 جنيهات سودانية لولا المضاربات، ولكنه لم يوضح لنا، ولا السيد محافظ بنك السودان، كمية الدولارات المتداولة في هذه المضاربات أو في تجارة العملة أو الضالعين فيها حتى ندرك غضب السيدين الموقرين من المتاجرين في العملة!!
* ولم يوضح لنا السيدان، من أين يحصل المستوردون أو المسافرون، على الدولارات لسد حاجتهم إليها مع إمتناع المصارف السودانية عن إعطائهم ما يحتاجون إليه، أو عدم قدرتها على تغطية حاجتهم الى العملة الصعبة، دولارات أو غيرها، ولا بد من التذكير هنا بقرار سابق لبنك السودان بالسماح لبعض القطاعات بالاستيراد بالقيمة الصفرية (بدون تحويل عملة).. والسؤال الذي نطمع في الحصول على إجابة عنه من الوزيرين الموقرين، من أين يأتي المستوردون الذين سمحت لهم الدولة بالاستيراد بالقيمة الصفرية بالدولارات التي يدفعونها مقابل الواردات؟!
* وبينما ننتظر الإجراءات الجديدة التى بشر بها وزير الاعلام، نأمل ألا تكون سطحية وإنصرافية تتعامل مع الأسباب الهامشية لإنهيار سعر العملة كالسفر خارج السودان والخيانة العظمى..إلخ، وتترك الأسباب الرئيسية، كتدني الانتاج المحلس وإنعدام الصادرات والانفاق الحكومس الضخم الذس يفاقم التضخم ويأكل بشراهة كل ما يتراءى أمام ناظريه من موارد!!