الطيب مصطفى

بين عووضة وعثمان ميرغني


الأستاذ صلاح عووضة الذي يجاورني على يمين هذه الصفحة رد على مقالي الذي انتقدت فيه تغزل الأستاذ عثمان ميرغني في واقعة سجن رئيس وزراء إسرائيل الأسبق بتهمة تورطه في قضية رشوة قدرها (144) ألف دولار واعتبار عثمان ما فعل القضاء الإسرائيلي مثالاً رائعاً لقيمة العدل التي اعتبرها متجذرة في سلوك إسرائيل.
عووضة أقر بأن العدالة الإسرائيلية (عرجاء) كما أن عدالتها موجهة نحو الداخل وليس الخارج بما يعني أنها عادلة تجاه مواطنيها اليهود لكنها ظالمة تجاه ما سماه عووضة بالخارج والذي عنى به الشعب الفلسطيني الذي اغتصبت أرضه وذاق على أيدي العصابات الصهيونية من صنوف القهر والتنكيل والتشريد ما شهد عليه العالم أجمع بالرغم من أن الفلسطينيين ورثوا تلك الأرض المغتصبة أباً عن جد منذ آلاف السنين.
أقول لعووضة إن العدالة قيمة مطلقة لا تتجزأ ولا تقبل القسمة على اثنين وتساوي حتى بين المسلم وغير المسلم، وإذا كان منطق الدولة القطرية فرق بين الداخل والخارج أو بين المواطن وغير المواطن فإن الأمر ليس كذلك عند مالك الملك الحكم العدل سبحانه، وكنت قد ضربت مثالاً للعدالة الربانية المطلقة التي لم تحاب المسلمين حين ارتكبوا كبيرة وقتلوا بعض المشركين في الأشهر الحرم فنزلت الآيات تزأر بالنكير على تلك الكبيرة لكنها كذلك تحدثت عن الكبيرة الأكبر المتمثلة في الصد عن سبيل الله وإخراج المسلمين من مكة حيث بيت الله الحرام : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ). على أن عووضة عقد المقارنة بين العدالة الإسرائيلية التي سماها بالعرجاء وبين ما وصفه بالظلم الأعرج الذي قال إنه لا يقع إلا على (بني الجلدة) ويعني به الظلم الذي تعج به بلادنا وأمتنا الإسلامية.
لا أختلف مع عووضة في هذه الجزئية وهل هناك من يحدثني عن الظلم في بلادي وأنا من ضحاياه، وهل أبلغ مما حدث لصحيفة الانتباهة المغتصبة وما يحدث للصيحة التي اعتبروها عدواً مبيناً يحرم حتى من إعلان الدولة وأموالها بالرغم من أنها ليست من موارد الحزب الحاكم بينما يغدق على صحف موالية لا توزع معشار ما تحظى به (الصيحة) من قراء، وهل أدل على ذلك من انتقاص للحريات المنصوص عليها في الدستور والمتفق عليها وعلى غيرها من مطلوبات وطنية في مواثيق وعهود مبرمة مثل (خارطة الطريق) التي اتفق عليها في الحوار الوطني؟.
لا أظن عووضة يختلف معي على قدسية المسجد الأقصى أولى القبلتين ومنطلق معراج الرسول صلى الله عليه وسلم والوارد ذكره في القرآن الكريم، ولذلك أنكرت على عثمان أن يكيل المدح والثناء للعدالة الإسرائيلية بدون أن يكتب كلمة واحدة عن عرجها وعوارها الذي أقر به عووضة ووددت لو فعل ذلك على سبيل الإنصاف استرضاء لمن يستفزهم تجاهل الظلم الصهيوني لأبناء فلسطين وأهم من ذلك احتلال إسرائيل لتلك البقعة المقدسة (المسجد الأقصى)الذي يحتل مكاناً علياً في قلوب المسلمين جميعاً، وكنت كذلك ولا أزال أتوقع من عووضة (الصلاي القوام) أن ينتصر للأقصى ويغضب للتآمر عليه ائتماراً بالمعروف وتقرباً إلى الله رب العالمين وطمعا في رضوانه سبحانه.
كذلك ضربت مثالاً بالعدالة (العديلة) المتمثلة في الجارة أثيوبيا وليست (العرجاء) الإسرائيلية فقد سجنت أثيوبيا رئيس وزرائها (تامرات لايني) رغم نضاله ودوره في إشعال الثورة ضد الطاغية منقستو وكذلك وزير دفاعها وقائد جيش الثورة بتهم أقل من تلك التي تورط فيها اليهودي أولمرت.
وأود أن أسأل عووضة وعثمان ميرغني : أيهما أولى باتخاذه مثلا يحتذى .. ذلك المثال الرائع من دولة أثيوبيا الأقرب إلينا جغرافياً وعرقياً والتي لم تحتل أرضنا ومقدساتنا أم دولة إسرائيل المحتلة التي يستفز الاستشهاد والانبهار (الخاطئ) بها مشاعر قطاعات عريضة من شعبنا وأمتنا؟.
كتب عثمان بعد أن تم تداول مقاله عن العدالة الإسرائيلية خلال الأيام القليلة الماضية بشكل كثيف موضحاً أن ذلك المقال قديم وأنه نشر قبل نحو ثلاث سنوات بل أن البعض أضاف إليه بغرض الكيد لعثمان ميرغني، ويبدو أن أحدهم أو بعضهم ارتاح للمقال الذي حين كتب لم يكن الواتساب وأخواته من وسائط التواصل الاجتماعي الإسفيري قد انطلقت وملأت الدنيا وشغلت الناس فبثه بين الأنام وانتشر المقال بصورة غريبة هي التي دفعتني للرد عليه كما لو كان جديداً وإذا كان البعض قد أضاف إليه ما لم يكن جزءا منه فإنه يتحمل جريرة ذلك لا عثمان الذي كان الأوفق أن يعيد نشر مادته الأصلية حتى يعلم الناس الحقيقة.


‫3 تعليقات

  1. نحن عايزين زي العدالة الإسرائيلية العرجاء هنا في السودان وبس

  2. اشد انواع الظلم هو من ياتيك من اخيك .. ان يظلمنا من في الخارج قد لا يكون مستغربا لكن ان يظلمك اخيك الذي يدعي التدين بالاسلام فهو اقبح انواع الظلم .. الاسرائيلين لا يظلمون ابناء جلدتهم اما الانقاذيون فهم يدعون العدالة بينما يظلمون كل من لا ينتمي لتنظيمهم بل يبررون الفساد لكل من انتمى اليهم و يحللون له الحرام بل يجعلونه بطل . نحن ندرك تماما ظلم اسرائيل للمسلمين لكن ذلك لا يمنعنا من الاشادة بعدلهم في ما بينهم … ببساطة لاننا نفتقد العدل في ما بيننا .. رد الطيب مصطفي فلسفي و تهرب من الواقع لانه نحى منحى اخر للموضوع .. استاذ الطيب مصطفى ان جوهر الموضوع العدل بين الرعية و ليس محاضرة عامة عن قيم العدل المطلق

  3. تمعنوا جيدا فى صورة هذا الرجل .. مش مزنوووق وعايز يزرط !!!!