تحقيقات وتقارير

الحلاقة .. التحول من الهوايات إلى الأكاديميات.. دراسة وشهادات


بات قص الشعر بشكل منتظم أساسياً للولوج لعالم الموضة أو(لوك) جديد بين الحين والآخر، ولاسيما في ظل انتشار وسائل الإعلام المرئي عبر الفضائيات ومتابعة خطوط موضتها بواسطة نجوم المجتمع من فنانين ولاعبي كرة القدم المحترفين كاللاعب المصري محمد زيدان الشهير بـ (زيزو) الذي حفر حرف (z) على رأسه وأيضاً نجوم الكرة الأوروبية نيمار وكريستيانو.
الموضة انتشرت بشكل كثيف، فصارت منهجاً للشباب، والمتتبع لتلك المهنة يجد أن الأغلبية العظمى من الممارسين شباب غلبتهم الظروف وتحولت من هواية إلى مهنة ومصدر رزق. وفي خطوة جديدة كشفت وزارة العمل عن ترتيبات تُجرى لأول مرة لإصدار شهادات لمهنة الحلاق، وغيرها من المهن للمنافسة في السوق الخارجي، ماذا قال الحلاقون في ذلك؟

خطوة صحيحة
محمد عمر بدأ هذا العمل هاوياً يحلق رأس إخوته وأطفال (الحلة)، قال: “ولجت هذا المجال منذ عام تقريباً، بصالون في محطة (9) لكنني لم أستطع الاستمرار وتركته، استغل الآن الإجازة في ممارسة الهواية التي أحبتتها.”.
عدَّ محمد إصدار وزارة العمل شهادات للحلاقين خطوة في الاتجاه الصحيح، ولاسيما الممتهنين. وقال: “يمكنها أن تنظم المهنة وتبعد أصحاب الصوالين من المشاكل التي يحدثها لهم البعض في حال خرب أحدهم رأس شخص، لكن الشهادة تضمن احترافيته، ولا يخرب سمعة الصالون.
ولأن الحلاقة تعد من المهن الموسمية يبقى من الصعب الاعتماد عليها كمهنة أساسية، لكنها يمكن أن تكون دخلاً إضافياً يستعين به الشخص في المنصرفات ولاسيما في ظل الغلاء الكبير.

دخل ثان
وهيثم أكول بدأ مشواره مع الحلاقة في (2005) وهو طالب، وواصل فيها بعد تخرجه في (2009) في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية جامعة الخرطوم. وقال: “عدم إيجاد فرص عمل هو جعلني أتوجه إلى الحلاقة مباشرة واتخاذها مهنة بعد نيل شهادتي الجامعية”. وتابع: البحث عن وظيفة هذه الأيام مضيعة للوقت، غير أنها لا تسمن ولا تغني من جوع، والحمد لله تدر عليّ الحلاقة مالاً يكفيني الحاجة، غير أنه أفضل من الراتب الوظيفي في السودان، ورجع هيثم وقال: لكن في حال إيجاد وظيفة براتب مجزٍ يمكن أن تكون الحلاقة مصدر دخل ثان.
الشهادة مهمة في الخارج، لكنها في السودان ليست ذات قيمة، الحلاقة فطرة وموهبة في المقام الأول، لكن التنظيم جيد في ظل كثرة محال الحلاقة، والشهادة ستعمل على طمأنة الزبائن بأن ذلك خلاق ماهر ولا خوف منه، فضلاً على أنها ستخلق وضعاً اجتماعياً للحلاق بعد أن تصبح مهنة بتغيير نظرة المجتمع الدونية للحلاقين، وأضاف: الحلاقة أصبحت فناً، وهناك قصات تجارى فيها الموضة كقصات (نيمار، كريستيانو) وغيرهم من لاعبي الكرة ونجوم الفن.

إلى حين
بدأ محمد جعفر رحلته مع الحلاقة في (2009) بعد أن كان يمارسها هواية قبل ذلك. وقال: “وجدت دخل الحلاقة أفضل واستطعت من خلالها أن أغطي متطلباتي ومتطلبات المنزل، ولأنني أمارسها منذ زمن أجد فيها نفسي.
أشار محمد إلى أن فكرة إدراج الحلاقة كمهنة بعد أن تُدرس بواسطة معلمي التدريب المهني أمر جيد، ويمكنه يساهم بشكل إيجابي في المجتمع، خاصة وأن الكثيرين اتجهوا لفتح محال متخصص. وقال: “لأنها هواية ومهارة فطرية يمكن تجويدها بالدراسة”. وتابع: “بالنسبة لي لا أطمح بأن تصير مهنتي الأساسية، هي فترة مؤقتة، أجري فيها بعض الترتيبات للانتقال لخطوة أكبر بإذن الله”. ولفت محمد إلى أن الحلاقة لا يمكن أن تكون مهنة مدى العمر لأنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالموضة وعمر الحلاق. وتساءل: هل يمكنني أن الاستمرار في الحلاقة بعد (40) سنة على سبيل المثال؟ طبعاً لا، لأنني لن أستطيع الوقوف طويلاً لحلاقة رأس شاب يريد قصة محددة بمهارة عالية بالإضافة إلى أنني لن أستطيع مجاراة الشباب في ما يريدون فكل وقت وله آذان، الحلاق أيضاً يأتي عليه وقت يجب أن يقف فيه عن الحلاقة كما الطبيب الجراح تماماً.

مصدر رزق
يمارس سموأل عمر (صاحب محل كرمبو للحلاقة) حلاقة الشعر منذ أن كان طالباً في الثانوي توقف فترة من الزمن، لكنه عاد إلى المهنة بعد تخرجه في الجامعة حتى صارت مصدر رزقه الأساسي. يقول سموأل: “بعد تخرجي في الجامعة لم أجد وظيفة رغم أنني بحثت بجدية في هذا الأمر، ولأنني أتقن حلاقة الشعر فكرت في فتح صالون للحلاقة، ونجحت في ذلك وأصبحت الآن (أكل عيش)، وتدر عليَّ مالاً أحمد الله عليه، وأسعى لتطويره”. وأكد أن الحلاقة موهبة وتحتاج لصبر لا يمكن أن تتقنها بالدراسة، ويمكن أن يستفيد المهرة من الحلاقين من الشهادة في العمل بالخارج، لكنها في السودان تعتمد على الاحترافية. وأضاف: هي أفضل من مهن كثيرة في شركات خاصة وتدر المال، يمكن الاعتماد عليها كمهنة أساسية وثانوية، فقط يجب استثمار الوقت لأن الحلاقة تعتمد على السن، وفي وقت ما لن تحلق إلا لشخص في سنك أو أكبر منك، لأن الشباب يفضلون الشباب ويفهمون بعضهم.

الخرطوم – زهرة عكاشة
صحيفة اليوم التالي