عبد الباقي الظافر

ما أشبه الليلة بمايو.!


جاء الرئيس القائد إلى ردهات الاتحاد الاشتراكي غاضباً .. تحدث المشير النميري بغرور وصلف عن الذين يحتجون على أزياء السيدة الأولى .. قال فيما قال” دى زوجة رئيس جمهورية ما زوجة نجار” .. خبراء الامن أكدوا أن تلك العبارة مصحوبة مع أخرى فحواها (ما في حد يقدر يشيلني) كانتا القشة التي قصمت ظهر البعير .. بين ليلة وضحاها لم يصبح الرئيس نميري سوى صورة جميلة تزين وجه العملة السودانية التي لا قيمة لها .. حتى هذا الامتياز مضى لحين طباعة أوراق (بنكنوت ) جديدة.
كانت الأوضاع في سنوات مايو الأخيرة تعود إلى الوراء بمتوالية هندسية .. رجال في القصر أصبحوا يصنعون الفساد المحمي بالنفوذ .. نقص في الثمرات جعل الناس يموتون في جماعات .. جف الزرع وباتت المدن مجرد ريف واسع .. زاد معدل هجرة الكفاءات من وطن طارد .. كل ذلك وأصحاب الحظوة في النظام يرددون (إنتي يا مايو الخلاص يا جداراً من رصاص).. يقل مقدار الناس ويرتفع مقام الحكام .. ولكن في نهاية الأمر قال الشعب الصابر كلمته.
قبيل أيام كان مساعد الرئيس الأسبق الفريق نافع علي نافع يتحدث عن ضعف معارضتنا.. قال الرجل فيما قال لو نامت الإنقاذ نومة أهل الكهف لما أفلحت المعارضة في صناعة التغيير .. لم يستأذن شعبنا الأحزاب حينما صنع أكتوبر ولم يطرق أبواب قادة السياسة حينما فجر انتفاضة أبريل المباركة .. طلاب بؤساء خرجوا من جامعة أم درمان في مظاهرة .. عوام الناس برفقة الطلاب خرجوا يتحدون الرصاص .. بعدها تم صنع التجمع النقابي الذي قاد ثورة العصيان المدني .. الرتب الوسيطة في الجيش انحازت لخيار الشعب، فلم تجد القيادة العليا غير الانصياع لتعليمات الشعب ضد الطغمة الفاسدة.
الحساب في السياسة سهل ويسير.. إذا تساءل كل مواطن عن حاله مقارنة بخمس سنوات ماضية سيتحسس أننا نسير الى الوراء كما فعلت مايو في سنواتها الأخيرة.. الأن كل السلع كاسدة في الأسواق إلى مولدات الكهرباء التي عادت للبيوت والأسواق .. يظن وزير الكهرباء أنه يستحق التصفيق ان وعدنا بتقليل ساعات انقطاع التيار الكهربائي في رمضان المقبل .. جنيهنا السوداني مثل فرقنا الرياضية يخسر ذهاباً وإياباً ..كل ذلك وحكومتنا في شغل شاغل مادام شعبنا في نومة أهل الكهف.
في تقديري ..أن على الناس أن تعتبر من التاريخ الذي يعيد نفسه في أشكال مختلفة.. لم يكن المهيب صدام حسين يتوقع أن ينهال الناس على تمثاله الضخم بأحذيتهم.. العقيد القذافي ترفع حتى على منصب رئيس الدولة وأسمى نفسه ملك ملوك أفريقيا .. الرئيس بن علي في تونس لم يفهم الحكاية إلا عند النقطة الأخيرة .. ملخص حكايات كل الحكام المخلوعين انهم لم يحسنوا الاستماع لشعوبهم حتى جاءتهم الطامة الكبرى.
بصراحة ..الذين لا يحسنون الظن بشعبنا عليهم ان يعيدوا النظر كرتين..ثورة مايو حينما ظنت أنها تملك كل شيء فقدت كل شيء ولله عاقبة الأمور.