جمال علي حسن

أطباء تحت التهديد.. وبرلمان نايم


الاعتداء على الأطباء.. يحدث في الكثير من الدول – غير المتقدمة – طبعاً.. توجد هذه الظاهرة في بعض دولنا العربية، وهي ظاهرة إجرامية قبيحة وسلوك غير مبرر إطلاقاً حتى ولو حدث الاعتداء كردة فعل لموت شخص بين يدي طبيب.. ألسنا مسلمين ونعيش في مجتمعات من المفترض أنها تتعامل مع المرض والموت بيقين وإيمان بأنه قضاء وقدر وأجل محتوم لا يجب أن نقابله إلا بالرضاء التام بقضاء الله وقدره ولا نقول إلا ما يرضي الله؟.
العجيب في الأمر أن (الخواجات) يتقبلون فكرة وفاة شخص ما، بين يدي الطبيب أو داخل المستشفى بأفضل من حالة الكثير من المسلمين المتيقنين بأن هذا الأمر ليس بيد الطبيب بل هو بيد الله وأن ميتهم الآن في ذمة الله.
صحيح أن هناك ضعفاً عاماً في مستوى الخدمات الصحية لكن علينا أن نتخيل حال طبيب يعمل في نفس ظروف الضعف هذه ويقدم دوره في نفس هذا المناخ.. هل نحمله مسؤولية عن نقص ما؟ أم نعامله بالشكر والتقدير لجهده ودوره في خدمة المرضى وتقديم العلاج لهم؟.
لا يجب أن نجعل من الطبيب تختة شيطانية نرمي بجمرات غضبنا عليها.. لا يجب أن نفقد اليقين ونضعف أمام قضاء الله وقدره ونحن شعب متيقن مؤمن صابر طيب خلوق يعرف ويخاف ربه.
معظم هؤلاء الأطباء من المتخلفين عن أفواج الهجرة يجب أن نعرف أن الكثير منهم لا يتمسك بالعمل في السودان بسبب عدم توفر فرصة عمل له خارج السودان لأن فرص عمل الأطباء في دول المهجر على (قفا من يشيل) خاصة في السعودية..
وتستطيع مستشفيات المهاجر المختلفة أن تمتص كل ما تبقى من دماء الطب في شرايين الخدمة الصحية في السودان الآن.. حتى أن الأطباء تحديداً من الشرائح التي كانت الحكومة تفرض حظراً على هجرتهم ومغادرتهم للبلاد..
لماذا نتعامل معهم بهذه النفسية العدائية..؟
بالمناسبة موضوع الاعتداء على الأطباء في السودان ليس محصوراً في حادثة وقعت في مستشفى بحري أو تحطيم أجهزة ومعدات في حاج الصافي أو غيرها أمس أو اليوم أو غداً.. هذا فقط ما يظهر في الإعلام من أذى يكون قد فاق حد الاحتمال بعد استخدام سلاح ناري أو أبيض لكن الاعتداءات على الأطباء باستخدام الأيدي ولكمهم وضربهم وشتمهم أمر متكرر في المرافق الصحية في السودان وحالاته كثيرة جداً.
هناك دول عربية حسمت هذا الأمر وواجهت هذه الظاهرة المتخلفة بحزمة إجراءات وتشديد في القوانين والعقوبات على من يعتدي على طبيب داخل المستشفى وهذا هو دور البرلمان في تعديل وسن قوانين رادعة لحماية الأطباء والممرضين والعاملين في المستشفيات بدلاً عن انصراف برلماننا إلى أمور لا تخصه وشؤون خارجية ودبلوماسية ينشط فيها بصورة غريبة جداً.. البرلمان يلتقي السفير البريطاني.. البرلمان يمتدح العلاقات بين السودان وقطر.. البرلمان يدعم العلاقات مع فنزويلا.. البرلمان يلتقي الوفد الألماني.. يلتقي السفير العراقي.. الكويتي.. الجنوب أفريقي.
هذه هي نشاطاتكم وأخباركم.. هل هذا برلمان وطني أم وزارة خارجية؟
أين دوركم التشريعي؟ أين موقفكم من هذه القضايا الحساسة التي تمس المجتمع وتهدد استقرار شريحة مهمة فيه تحتاج منكم لحماية تشريعية وقانونية كما فعلت الكويت ومصر وغيرها؟..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.