الطيب مصطفى

حمالة الحطب (1) !


في ندوة أقيمت قبل عدة سنوات في إحدى الجامعات .. أظنها الأهلية كانت محتشدة بطلاب الجبهة الثورية وغيرهم من اليساريين علق أحدهم بتقعر وتفلسف على حديثي بقوله إن الصغار هم الذين يصوبون حديثهم على الأشخاص بينما الكبار هم الذين يهتمون بالأفكار فقلت معقباً ومتسائلا : وهل كان قرآن ربنا سبحانه صغيراً حين زأر بالتهديد والوعيد مصوباً سهامه على عدو الله أبي لهب ومشدداً النكير عليه وعلى امرأته حمالة الحطب ومزمجراً بأن أبالهب عم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم سيصلى ناراً ذات لهب؟!
أسقط في يد صاحبنا وصمت صمت القبور فقد أقمنا عليه الحجة وبينا أن التاريخ لا يقوم إلا على أكتاف الرجال وهل الرسل والقادة إلا ماكينات تحرك عجلة التاريخ؟
أقول هذا بين يدي التعقيب الذي صب عثمان ميرغني فيه جام غضبه على شخصي متحدثاً عن نقدي لمقاله الذي انتشر في الأسافير انتشار النار في الهشيم فقد قال لا فض فوه ما يلي : (كل القصة أن الطيب مصطفى لا يستطيع أن يكتب دون أن يصوب على (تختة) فيها مجسم شخص يطلق عليه نيرانه فغياب الفكرة والرؤية دائما يزلق الكاتب لإدمان الشخصنة).
كلام والسلام .. بالله عليكم ألم يردد عثمان نفس كلام ذلك الشاب المتفلسف في ندوة الجامعة الأهلية حين تحدث عن أهمية التصويب نحو الأفكار عوضاً عن الأشخاص وكأن الأفكار يحملها ويعبر عنها أشباح لا بشر من بني الإنسان؟.
ماذا تفعل أمريكا يا عثمان غير التصويب على (تختة) فيها مجسم شخص تطلق عليه نيران صواريخها وليس مداد قلمها كما أفعل أنا الذي لا حيلة لي غير الكلمة التي أطلقها منافحاً بها ومدافعاً عن الأفكار والرؤى التي أؤمن بها وأعتقد ؟.
أمريكا يا عثمان تستهدف بطائراتها وصواريخها الأشخاص وليس الأفكار والرؤى التي لا تنطلق إلا من رؤوس وحركة القادة والزعماء الذين يقودون حركة التاريخ، ولذلك قصفت الشيخ الشهيد أسامة بن لادن وكذلك قصفت إسرائيل الشيخ الشهيد أحمد يس والشهيد الرنتيسي وغيرهما من قيادات حماس لعلمها أن التاريخ عربة يقودها العظماء من الرجال، وذلك ما جعل الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو الله تعالى بأن يعز الإسلام بأحد العمرين وفيهم أبوجهل الذي لو أسلم لربما أحدث ما أحدثه الفاروق عمر في مسيرة الدعوة الإسلامية، وهل كان من الممكن للفكرة المتمثلة في الإسلام أن تقوم إلا على رسول كريم ورجال (أشخاص) صادقين حملوها وبشروا بها وضحوا في سبيلها وبذلوا المهج والأرواح؟.
إنه ضعف الحجة والمنطق ولا شيء غيره واود أن أسأل لماذا يغضب عثمان الذي نصب نفسه داخل السودان وخارجه داعية للحريات الصحفية والسياسية زاعماً أنه أكبر ضحايا التضييق على الرأي الآخر ؟. ..لماذا يغضب ويثور لأننا انتقدنا بعض آرائه ومواقفه بالرغم من أنه متخصص في سلق معارضيه ومخالفيه بألسنة حداد ؟ لماذا يأمر الناس بالبر وينسى نفسه على غرار الخاتنة غير المختونة المعبر عنها في أدبنا الشعبي بعبارات استحي أن أوردها في هذا المقام؟.
إنه وأمثاله للأسف الشديد يسقطون ورب الكعبة في امتحان الصدق والمصداقية فكثيراً ما تجد من يكثرون الضجيج والمطالبة بالديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان يسقطون سقوطاً مدوياً حين يخضعون للاختبار الحقيقي .. أمثال هؤلاء لا ينبغي أن يتقدموا الصفوف إنما عليهم أن ينزووا إلى المقاعد الخلفية .
ثم قال عثمان إنني أدمن (إثارة الكراهية) تجاه من لا أرتضي رأيه ولذلك قال إنني كتبت (ليس عن الفكرة وإنما عن صاحب الفكرة) .. إنه التلاعب بالألفاظ ليس إلا ، وليت عثمان يحدثنا عن معنى عبارة (إثارة الكراهية) ويحدد مقصده من خلال ما أوردته في مقالي الذي انتقدته فيه بدلاً من الكلام المرسل الذي لا يقف على ساقين.
أزعم أنه لو ترك كلام ربنا سبحانه في قرآنه الكريم لمقاييس هؤلاء الببغاوات الذين يهربون من المعركة بترديد مثل هذه العبارات الفضفاضة ويهرفون بما لا يعرفون لأدرجوا بعض آي القرآن الكريم في معلباتهم اللفظية الفارغة ولطالبوا بحذف الآيات التي تتحدث مثلا عن السفهاء والجاهلين أو التي تذم المنافقين والمشركين ولاستنكروا الآية القرآنية (عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ) ولحذفوا آيات القتال والحض عليه ولاعتبروا الأمر القرآني للرسول الكريم بمجاهدة الكفار والمنافقين بل والغلظة عليهم اثارة للكراهية.
أواصل


تعليق واحد

  1. غيرت الصورة .. يا زول فكها .. العفنة ملت البلد !!!!