زهير السراج

هل ألفنا الهوانَ حتى صار طبعاً؟!


* هل يعقل أن يصل بنا الهوان واسترخاص أنفسنا إلى هذه الدرجة.. بالله عليكم أقرأوا هذا الخبر الذي أوردته صحيفتنا في عدد الأمس بقلم زميلتنا المحررة البرلمانية سارة تاج السر:
* أعلن وزير الإرشاد والأوقاف، عمار ميرغني تكفل دولة الإمارات بدفع إيجار مقر الوزارة، الكائن بشارع إبراهيم المفتي بالخرطوم، لمدة 3 أشهر اعتباراً من الأول من مايو بما يعادل 23 ألف دولار شهرياً، على أن توفر الوزارة موقعاً جديداً تتحمل هيئة الشئون الإسلامية والأوقاف الإماراتية نفقات تشييده خلال تلك المدة.* ونفى الوزير، في رده على سؤال مستعجل تقدم به النائب عمر دياب، تصرف الإرشاد والأوقاف في منحة إماراتية، لتشييد مبانٍ للوزارة بتأجير مقر بقيمة 23 ألف دولار، وقال إن الأمر تم بموجب مبادرة من الأوقاف الإماراتية بتوفير مقر دائم للوزارة بالشراء، بعد أن طالب صاحب العقار الذي كانت تستأجره الوزارة منذ 2009 بشارع بشير النفيدي، برفع قيمة الإيجار من 85 ألف جنيه الى 200 ألف جنيه.
* وأشار ميرغني إلى ان الوزارة أفادت المالك بأنها لا تستطيع دفع المبلغ المطلوب، وطالبت بمهلة لمدة 3 أشهر لإخلاء الموقع وتوفيق أوضاعها، وفي نوفمبر 2015 وقعت مذكرة تفاهم مع وزارة الشئون الاسلامية والأوقاف الإماراتية تكفلت بموجبها الأخيرة بايجار المقر الحالي للوزارة، بعد اختياره من جملة 5 مواقع أخرى تم استبعادها لتكلفة الإيجار العالية التي وصلت في حدها الأعلى الى 17 مليون دولار، والأدنى 8 آلاف دولار لحين توفير الوزارة موقع جديد تتحمل الإمارات تكلفة تشييده.
* وقال الوزير إن العروض الخمسة كانت بالدولار، باستثناء موقع واحد بشارع علي عبد اللطيف، كان بالجنيه، ووقع الاختيار على مقر بشارع إبراهيم المفتي، وتم توثيق عقد الايجار في وزارة الخارجية وسفارة دولة الامارات بقيمة 23 ألف دولار شهرياً!!
*بالله عليكم هل هنالك هوان أكثر من هذا، هل يعقل أن نطلب من دولة أخرى مهما كانت علاقتنا بها، وبيننا وبينها محبة كبيرة كدولة الامارات العربية المتحدة، أن تدفع لنا قيمة ايجار المبنى الذي تستخدمه احدى وزارات حكومتنا في بلادنا كمقر لها.. تخيلوا أن يطلب شخص من أحد أصدقائه أو جيرانه الأثرياء أن يسدد له ايجار المنزل الذي يقيم فيه.. ماذا يكون منظر هذا الشخص في نظر الجار أو الصديق الذي يدفع له الايجار الشهري، وكيف تكون طبيعة العلاقة بينهما؟!
* ليس هذا فقط الذي يغيظ في الموضوع، ولكن تخيلوا البذخ والترف الذى تحيط به الحكومة نفسها.. إيجار مقر وزاري بمبلغ 85 ألف جنيه (85 مليون قديم) منذ عام 2009.. أيّ بأكثر من 12 ألف دولار شهرياً في الفترة بين 2009 و2014، و6 ألف دولار بعد هبوط قيمة الجنيه السوداني إلى النصف في العامين السابقين.. ثم يشتكي محافظ بنك السودان ووزير المالية من التضخم والمبالغ المهدرة بواسطة المسافرين السودانيين إلى الخارج، وغالبيتهم من الذين يسافرون إلى العلاج بمصر أو الأردن!!
* وليت الأمر اقتصر على ذلك، بل وفي خضم الضائقة المالية الحادة التي تشهدها البلاد، فإن الوزارة مصرة على تأجير مقر بمبلغ (23 ألف دولار شهرياً) لمدة 3 أشهر تسددها لصاحب العقار السوداني، دولة الأمارات نيابة عن حكومة السودان، على أن تتكفل دولة الإمارات بشراء أو تشييد مقر دائم للوزارة بعد ذلك.. هل هنالك استهتار واهدار للمال العام، واسترخاص للنفس أكثر من هذا.. كان يمكن أن نتفهم الأمر لو طلبت وزارة الاوقاف من دولة الامارات أن تدفع هذا المبلغ لبناء مستوصف أو حتى مسجد، ولكن مقر للوزارة فهو أمر لا يمكن لأحد أن يصدقه أو يحترمه؟!
* ألم يكن أكرم لوزارة الأوقاف أن تستخدم أي مبنى حكومي كمقر لها، كما يحدث في كل الدول المحترمة، بدلاً عن التسول وإهانة كرامة شعب بأكمله جرياً وراء الترف والبذخ وحطام الدنيا الزائل، أم أننا ألفنا الهوان حتى صار طبعاً، كما قال المتنبئ؟!


تعليق واحد