مقالات متنوعة

عبد الله الشيخ : سودان لكنه يستورد الألبان..!


الدولار (يَكَابِسْ) سقف نبوءة صلاح كرار، ولمّا نصل بعد إلى منتصف السنة المالية!.. تدّعي الحكومة، أن سعر الدولار في السوق الأسود غير حقيقي وتقول إن تجار العملة يتلاعبون بقيمة الجنيه.. أين هي إذاً هيبة الحكومة التي تهز وترز في وجوه معارضيها، إذا كانت فئة قليلة من التجار، الذين يتلصصون بين الأزِقة، يستطيعون التلاعب بأخطر ملفات الاقتصاد، لمصلحتهم و(بمزاجهم)..؟
لم تزل مجالس الحضر والبوادي تتندر بتصريح لصلاح كرار رئيس اللجنة الاقتصادية لمجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني.. الذاكرة السوانية لم تصدأ إلى الدرجة التي تنسيها طرافة ذلك التصريح، الذي قال فيه : (لو ما نِحن جينا، كان الدولار حيصل عشرين جنيه)..! معلوم فى دنيا الاقتصاد، أن أسعار العملات الحرة في السوق المحلي تتحكم فيها معدلات الإنتاج وقانون العرض والطلب، أي أن الأمر ليس مزاجياً، ولا هو شكاية أو جناية..
الحكومة السودانية التي تشكو من اختراقات التجار في سوق العملة، هي أكبر مشترٍ للدولار في السوق، والاقتصاد الوطني كله يعيش أزمة خانقة تتطلب معالجات عاجلة وجريئة، تبدأ بتقليل الصرف الحكومي وتضع حداً للحرب التي تستهلك أكثر من ثلثي الإيرادات.
إن ارتفاع سعر الدولار إلى هذه الدرجة الخرافية انعكس سلباً على الأسعار، فلا تجد سعراً واحداً لعلبة الصلصة ــ مثلاً ــ في صف الدكاكين الواحد.. لقد ارتفعت أسعار كل السلع وكل مدخلات الإنتاج، خاصة مدخلات الإنتاج الزراعي التي يتم استيراد معظمها من خارج البلاد.
هذا يعني أننا أمام قفزات جديدة للأسعار حتى يصل الدولار إلى نبوءة صلاح كرار في بداية عهد الإنقاذ، بأن يصل الدولار إلى عشرين جنيهاً ــ أي 20 ألف بالقديم ــ وهي نبوءة تتحقق كذا مرة، كلما خَفَّضت الإنقاذ قيمة الجنيه، مع كل إجراءات خطة جديدة أو تبديل!.. فالعملة تم تغييرها في هذا العهد أربع مرات.. ومن لديه القدرة على فحص الواقع الاقتصادي السوداني، إذا كانت صواميل البلد محلوجة هكذا..؟!
نحن، بسم الله ما شاء الله، لدينا مطبعة، بالإضافة إلى أن السلطات المختصة تكتشف كل شهر أو شهرين، وبالصدفة، وكراً لتزييف العملة!.. فكيف ستكون قيمة هذا الجنيه بنهاية السنة المالية، ما هو الانهيار الاقتصادي إن لم يكن هو ما نعيشه اليوم؟!.. الحكومة تركت المواطن تحت رحمة التجار، وبلادنا في الوقت الراهن لا تنطبق عليها مواصفات البلد المنتج بسبب هذه الحرب الطويلة التي أخرجت الكثير من صغار المنتجين والرعاة من دائرة الفعل الاقتصادي، وأتت على الكثير من الموارد في مناطق شاسعة من ولايات جنوب كردفان ودارفور والنيل الأزرق.. نحن اليوم نستورد من الخارج حتى الألبان، مع أن السودان هو أكبر منتج للثروة الحيوانية.. نحن نستورد الفِكس والجِيبس.. إلخ!.. إن ضمور الإنتاج المحلي والاختلالات الهيكلية للاقتصاد تجعل من الصعب اللحاق بقفزات الدولار، والفرق الشاسع بين السعر الرسمي وسعره في السوق السوداء هو الضعف تقريباً.. هذا الوضع سيؤدي إلى كساد تام.. تدهور قيمة الجنيه السوداني يهدد كل الصناعة الدوار المحلية بالبوار، ويُنذر بانخفاض الطاقة الإنتاجية للمصانع المحلية، سيدخل قطاع الأدوية على وجه التحديد، في أزمة حقيقية، إذ ليس أمام مستوردي الأدوية إلا التوقف عن الاستيراد، أو اللجوء إلى بيع الدواء خارج نطاق التسعيرة.
السؤال الذي يفرض نفسه: هل هناك تسعيرة للدواء أو هناك طاقة إنتاجية محلية، يقولوا عليها..؟!


تعليق واحد

  1. صلاح كرار قال 20 جنية ما قال 20 الف جنيه يا عبد الله الشيخ , انت باين الزمن داك كنت صغير .

    الانقاذ جاْءت و الجنية يعادل أقل من 9 جنية للدولار واليوم هو 13,750 جنيها” للدولار الواحد !!!