مقالات متنوعة

مبارك عبده صالح : يا ليتنى كنت صاحب هذا القبر!


أسألكم أعزائى هل تذكرون قريباً أوعلى المدى البعيد من الأيام ، أن استدعيتم ذاكرتكم فى استشارة شخص لأمر خاص جداً يتعلق بالأسرة او بالعمل دون ان تتخوف من أن لايحفظ السر الذى ائتمنته عليه أو من الشماتة من البلاء الذى بك أو بأسرتك أو فيما يتعلق بأمر وظيفتك أو مركزك ؟ أشك ان تجد بتفاؤل شديد في حدود أصابع اليد الواحدة فقط إن واتتك الجرأة والمجازفة لاتخاذ مثل هذا القرار. أية حياة هذه التى لا نأمن فيها بعضنا او يطمئن فيها المرء على أسراره بتفريغ همومه وهواجسه وقلقه من الحاضر والمستقبل.
لماذا دائما نركز على هذه الزوايا والأركان ونلح عليها ؟ لأن المجتمع السودانى ما زال متماسكا وفى تذكيرنا لمثل هذه الامور نريد أن نسلط عليها الاضواء بأنوار ساطعة بقدر حرصنا علي شمعة تهب عليها رياح عاتية في محاولة إطفائها.
الفرق بين الحياة الأبدية والحياة المؤقته هكذا تعرف . فى الحالتين حياة ولكن فى الدنيا نحياها بلباس طيني يتناسب مع الارض وفى الحياة الابدية تنسلّ الروح من اللباس الطينى إلى روح يضعها الله فى مستقر لها انتظاراً ليوم الحساب.
وكما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (الا ان القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد . قيل : وما جلاؤها يا رسول الله ؟ قال: تلاوة القرآن وذكر هادم اللذات ) وهو الموت .. هل تخاف الموت حالياً أو عند تذكيرك له تشعر بهذا الشعور الذى أشار اليه الحديث الشريف ؟ رجعنا من مشاركة فى تشييع جنازة.. هل عدنا الى صوابنا ومحاسبة أنفسنا استعداداً لمثل هذا اليوم الذى هو مدركنا بأى حال من الأحوال . رغم الكشافات المنصوبة فى كافة الأرجاء، والأنوار الموزعة يميناً ويساراً ، نعانى كثيراً لرؤية هذه الحياة بالصورة المطلوبة وذلك لأن القلوب عميت واظلمت وغطى عليها السواد فاصبح ان تأخذ إذنا محلىا (إجازة) للذين يشغلون المرافق المختلفة لمدة إسبوع أو أن تغادرإلى الفانية للأبد أصبح الشعور واحدا في الاحساس من عدم وجودك . ولاحول ولا قوة إلا بالله.