رأي ومقالات

الوحل في الأسفلت !! قصص حزينة من شمالي السودان


ـ1ـ قبل سنواتٍ خلت امتطى الشاب الخلوق ( سيف الدين عبد الرحمن ) سيارته مصطحباً معه والدته من الخرطوم ، ميمماً وجهه شطر بلدته الوادعة التي ترقد في حضن النيل ، بمحلية الدبة الضفة الشرقيّة من النيل .

في الكيلو 142 كانت نهاية رحلته النَضِرة في الحياة ، حيث تغطي كثبان الرمال طريق الأسفلت ، راح سيف الدين ضحيّة حادث سير أليم مع والدته الحنون ، تاركاً وراءه أطفالا زغب الحواصل .

دوّنت عنه أيامها في حزن دفيّن نعيّ تحت عنوان ( الكيلو 142 ونهاية الرحلة ) !! وجاء خبرهم كالصاعقة إذ توفت والدته الحاجة (سيدة علي وراق ) في الحال ، وأصيّب الفقيد السيف بإصابات نقل على إثرها إلى مستشفى السلاح الطبيّ بالخرطوم وما لبث ساعات وإلا كان قد فارق الحياة .

ـ 2ـ

منذ تلك السنوات ويزيد ، لازال الحال كما هو في الطريق الرابط مابين كريمة وناوا بالضفة الشرقية للنيل ، الكثبان الرمليّة تغطي الأسفلت وتكاد تطمره تماماً بسبب الغول الصحراوي الزاحف دون أن يتحرك مسؤولي المحليّة أو الولاية بأي حلول ( جذريّة ) وكأن الأمر لايعنيهم في شيء !

رغم أن الطريق أصبح مهدداً للأرواح خاصة على السائقين الذين يسلكونه لأول مرة ويجهلون هذه المطبّات ، كما أنه أصبح معوقاً ومعطلا للحركة وقابل للتلاشي لأسفلت تم رصفه بالمليارات !

ـ3ـ

لم يصدق أهل الولاية التخلص من المعاناة التي كان ينوء بها كاهلهم بعد تحقيق حلم شريان الشمال ، لتظهر ( الكثبان الرمليّة ) مهدداً يلتهم الطرق والأراضي الطينيّة الخصبة والمنازل والمؤسسات وحتى مجرى النيل !!

الإستسلام لهذا الغول المخيف ستكون نهاية للانسان والحياة والعمران في الضفة الشرقية للنيل ومهدداً يفرمل مسيرة التنميّة والإزدهار ، كما يؤدي إلى الهجرة والنزوح وخلو المنطقة من السكان !

ـ4ـ

إذا ظلّت السلطات المحليّة بالولاية تتثاءب وتتفرج دون أن ( تبدع ) لتبحث عن مخرج حقيقي لهذا الخطر الداهم ، سنجد أنفسنا وطرقنا ونيلنا قد طمرهم بلا شك هذا الغول الذي يزحف في كل ساعةٍ ملتهماً ثرواتنا وخيراتنا ، بل يقتضي أن تكون المكافحة ( قومية ) تتضافر فيها جهود جميع الهيئات والمؤسسات العلمية والأكاديمية والزراعية لوقف و( صد) هذا الشرِس ، ولن يتم ذلك دون إطلاق صرخة داوية و صحوة و تحرك فاعل من أُولي الأمر في المحليّة والولاية .

ولايفوتنا أن نشكر جهود بعض مواطني المنطقة في القيام بدورهم تجاه هذا الخطر ، وخاصة في تنقسي وكدكول وغيرها, ولكن للأسف فإن ما يقومون به ( ليس سواء نقطة في بحر ) فالأمر يتعدى إمكانياتهم المتواضعة فهم في حوجة مآسة وعاجلة للعون والسند .

إلى لقاء ..

بقلم محمد الطاهر العيسابي


‫3 تعليقات

  1. رحم الله الاخ الكريم سيف الدين والعمة سيدة,,,ما اريد ان الفت انتباهك اليه اخي الكريم كاتب المقال وجزاك الله خيرا علي هذه البادرة…ان ذات الخطر يتهدد الأن المسافرين الي القولد ودنقلا….فبعد التمتام وهي مكان معروف لسالكي ذلك الشريان الحيوي,,, زحفت الالسنة الرملية الي الطريق الاسفلتي في مناطق متعددة علي طول الطريق مما يهدد المسافرين عليه,,,نسأل الله السلامة لجميع عباده….ونرجو من القائمين علي الامر مخافة الله في عبيده…فكلهم راع وكلهم مسئول.

  2. لو كان هذا المشكل فى غرب السودان او الشرق لقامت الدنيا ولم تقعد حتى يحلوا مشكلة الهامش ونحن اهل الشمال عمرنا دول الخليخ بالبعد عن ابناءنا واهلنا ودفعنا الضرائب من عرق غربتنا دون اى خدمات تقدم للشمالية وغيرنا يجلس فى الفنادق ويتزوج بدل الواحده اربع واولاده يتعلموا بالمجان واعانات واغاثات باسم النزوح والهامش واخيرا لك الله يا وطن

  3. كم يدفع رسوم هذا البص وغيره هل صعب توفير جرار لسحب الرمل عيب ما يحصل نتمنى تشجيع الناس لزراعة هذه المناطق المجاورة للطريق وفروا لهم سبل الزراعة بدل ما تسرقوا اراضي الناس المستقرة مدير للسدود مستشار لرجل اعمال اجنبي قمة الخيانة للوطن دولة قضاتها تجار اغنى الناس شركات بيوت