جعفر عباس

كوعِ الحلوة يهز الضلوع


أخيرا بعد فوات الأوان عرفت لماذا لم أوفق طوال حياتي في غزوة أو نزوة عاطفية، فمنذ أيام المراهقة وأنا «معقد» لأن زملائي كانوا يتبجحون بغرامياتهم، ولم يكن لدي ما أقوله لهم فأضطر إلى فبركة نزوات وهمية مع فتيات لا يعرفهن زملائي.. يعني حتى الفتيات «وهميات» أيضا.. تذكرني هذه بحكاية خوارق ومعجزات «الأولياء»، وقصص الجن المتداولة في العالم العربي الشقيق، فتلك الأشياء التي نسمع بها من أصدقائنا تحدث دائما وأبدا لأصدقاء أصدقائنا الذين لم نتشرف بمعرفتهم، أو تحدث لأناس في البلدة المجاورة: عندي صاحب ابن عمه متزوج جنية وقالوا كل يوم تجيب له كيلو ذهب عيار 38!! قابلت في نيجيريا راجل عجوز سلم علي بالاسم مع أني عمري ما شفته، وقال لي أشياء عن عائلتي خلاني «مذهول»، وقال: إني بعد عشر سنوات راح أصير أهم شخصية في الشرق الأقصى.
المهم، عرفت سر نجاح البعض في الغزوات العاطفية مقابل فشلي فيها فهو يكمن في أن مناطق الجاذبية في المرأة والرجل هي الأذن والكوع. هكذا قال العلماء حسبما جاء في صحيفة بريطانية رصينة، وبصراحة لم أحاول طوال حياتي أن أنظر إلى أذن امرأة بغض النظر عن جمالها أو دمامتها. والشيء الآخر هو الإنسان العاقل ينظر في وجه المرأة ليعرف ما إذا كانت تعجبه أم لا، ولو كان قليل الأدب فإنه ينحدر بنظراته من الوجه إلى بقية الجسم ليحكم لها أو عليها، وإذا كان الأمر كذلك فكيف يكون الكوع نقطة جاذبية، ومتى يتسنى للمرء أن يلقي نظرة على كوع امرأة.
ما أريد أن أقوله هو أن رؤية كوع أي شخص تتطلب الوقوف وراءه. وإخال أنكم توافقونني الرأي بأن رجلا ينظر إلى امرأة من الخلف فيقع في غرامها بعد أن ينجذب إلى كوعها أو سلسلتها الفقرية، إنسان لا يعرف كوعه من بوعه. أمر آخر قالته تلك الصحيفة ألا وهو أن المرأة تنجذب إلى الرجل الذي تكون تقاطيع وجهه متجانسة. هذه معقولة أكثر من حكاية الكوع وحلمة الأذن.. وربما يعزى الجفاف والجدب العاطفي الذي عانيت منه عندما كنت أحسب نفسي مؤهلا لاصطياد الحسناوات إلى أنفي الإفريقي الذي يحتل الجزء الأسفل من وجهي بدلا من أن «يحترم نفسه» ويقنع باحتلال منصف الوجه.. عزائي الوحيد أن الجريدة قالت إن أصحاب الوجوه المتجانسة «خونة».. هل تسمعن يا بنات حواء؟.. أصحاب الوسامة الذين تفتحون لهم قلوبكن خونة ومارقون وعملاء للاستعمار ولا يعرفون الوفاء، فتركوهم وأعطوا الفرصة لأمثالي من ذوي القلوب المتجانسة، وبلاش حكاية التقاطيع والملامح.. وربما يعرف بعض من قرأ تخاريفي في هذا المنبر أنني رفضت الاقتران بنبيلة عبيد وليلى علوي لأنني وفيّ لأم عيالي وحرصا على خصوصية وأزلية العلاقات معها (بالمناسبة أسوأ ما في الزواج هو «الأزلية» هذه).
الجريدة التي نشرت ذلك الكلام عن الكوع وحلمة الأذن (إندبندنت أون صنداي)، وقد قمت بتعريب اسمها حرفيا جريا وراء تقليد صحفي حميد استنته الصحافة العربية لتعريب جميع المشاهير بالعافية فأصبح مسخادوف بتاع الشيشان «مسعدوف» وكان هناك خاسبلادوف الذي أدركته رحمة من ربي فأصبح حسب الله توف ثم خاص بلادوف في حين أن التعريب الصحيح لاسمه هو «حزب الله دوف» ولكن لأنه لا يحب لبنان وإيران، فقد حور اسمه قليلا ليبعد الشبهات عن نفسه.. وقد قرأت في صحيفة إنكليزية تصدر في بلد عربي عبارة generous stones وكان المقصود بها الأحجار الكريمة، بينما الترجمة الدقيقة لهذه الترجمة الركيكة هو «أحجار سخية/ حاتم طائية».