مقالات متنوعة

محمد لطيف : الخميس كان.. يوماً مأساوياً للصحافيين


أمس الأول الخميس كان يوما هادئا نسبيا على جبهة الصحافة السودانية.. صحيح أن الأستاذ حسن فاروق القيادي بشبكة الصحافيين تحدث إليّ مبديا انزعاجا لما أسماها (طبخة سرية) لقانون الصحافة الجديد.. فوعدته بالحديث إلى السيد وزير العدل باعتباري “مستشاره المزعوم”.. وباعتباره حريصا على حفظ الحقوق.. ولكن الصحيح أيضا أن كل الصحف السودانية.. والحمد لله.. قد خرجت من مطابعها وصافحت أعين قرائها.. غير أن ما نتحدث عنها من مأساة.. لم تكن داخلية.. بل هي دولية.. أو قل عالمية.. وعلى مستوى الأمم المتحدة.. أيضا.. صحيح أنها ليست المرة الأولى التي تشهد فيها المنظمة الدولية مثل هذا المشهد.. لكن الصحيح أيضا أن ثمة ما يعنينا مباشرة هذه المرة.. ولنبدأ القصة من بدايتها.. ونطالع نص الخبر الذي بثته رويترز الخميس من مقر الأمم المتحدة..
(الأمم المتحدة “رويترز” – رفضت لجنة بالأمم المتحدة تضم جنوب أفريقيا وروسيا والصين منح لجنة حماية الصحافيين – المعنية بمراقبة حرية الصحافة – وضعا استشاريا بالمنظمة الدولية يوم الخميس بعدما عارضت الدول الثلاث وآخرون القرار.. وتبلغ لجنة حماية الصحافيين ومقرها نيويورك عن انتهاكات حرية الصحافة في دول ومناطق صراع في مختلف أنحاء العالم من خلال إعداد تقارير وحشد التحرك نيابة عن الصحافيين المستهدفين. ورفضت لجنة تابعة للأمم المتحدة طلب المنظمة الصحفية الحصول على وضع يتيح لها دخول مقرات المنظمة الدولية والمشاركة في فعالياتها)..
إذن هذه هي المأساة التي تواجه المنظمة الصحفية غير الحكومية المعنية بمتابعة أحوال الصحافيين حول العالم وخاصة في مناطق النزاعات.. أي أن ثمة مؤامرة دولية يواجهها الصحافيون.. الذين يدافعون عن حقوق الآخرين.. ولكن الآخرين غير معنيين بحقوق هؤلاء الصحافيين.. وعلى ذكر الآخرين هذا.. فالآخرون الذين قالت رويترز إنهم ساندوا موقف الثلاثة الكبار.. إن جاز التعبير.. في لجنة المنظمات غير الحكومية التابعة للأمم المتحدة.. التي استمرأت تأجيل طلب اعتماد لجنة حماية الصحافيين للعام الثالث على التوالي.. نحو ست عشرة دولة من بينها السودان.. والسودان من الدول التي ضمت صوتها للثلاثة الكبار في اللجنة برفض اعتماد لجنة حماية الصحافيين.. ومهما اجتهد المراقب في إيجاد تفسير لموقف السودان لا يسعفه المنطق.. ولا الوقائع.. فبغض النظر عن أية انتهاكات أو قيود تمارس ضد الصحافة داخليا.. فالسودان اليوم.. بل من بين كل دول مجموعة التسعة عشر.. أي أعضاء اللجنة.. هو أكثر الدول التي تعيش صراعات داخلية.. في مختلف مناطق البلاد.. مما يحتم عليه أن يكون الأكثر حرصا على تأمين الصحافيين الذين يمكن أن يوجدوا في مناطق النزاعات هذه.. وتمضي رويترز.. وتكشف (ورفضت لجنة المنظمات غير الحكومية طلب لجنة حماية الصحافيين بعد أن صوت عشرة أعضاء ضد الطلب مقابل موافقة ستة فقط وامتناع ثلاثة عن التصويت)
إذن.. لجنة المنظمات غير الحكومية والتي تضم ما أسميناها بالثلاثة الكبار والسودان ثم أذربيجان وبوروندي والصين وكوبا واليونان وغينيا والهند وإيران وإسرائيل وموريتانيا ونيكاراجوا وباكستان وتركيا والولايات المتحدة وأوروجواي وفنزويلا.. قد وقفت حائلا مجددا أمام دخول لجنة حماية الصحافيين لأروقة الأمم المتحدة.. ولكن المنظمة الدولية نفسها ستكون وفي أول مناسبة قادمة على رأس المطالبين بأن يلعب الإعلام دوره في كشف التجاوزات والانتهاكات في مناطق النزاعات لضمان حماية المدنيين وسلامة أرواحهم.. ولكن دون مراعاة لسلامة هؤلاء الإعلاميين..!