لبنى عثمان

بالحب.. وﻷجل الحب


يستهويني اجتياح الحرف مع احتلال الكلمة لصدري وامتصاصها لشرودي.. أجد نفسي تُمطر كالسماء ويصبح اليوم خمسين ساعة وأنا أتجول بقافلة (الحب) متخطية التاريخ والجغرافيا بدءاً من وهج حرارة الحديث عن يوم (الحب) وصولاً إلى برودة أجواء حديثي اليوم (بالحب) حاملة أطايب النضارة والدهشة والحكم.. أحاول أن ألمس عبق التاريخ ولوحة الحاضر ورؤية المستقبل، فكل شيء له معيار إلا (العاطفة)، فلا معيار لها ولا يمكن أن يؤطر (الحب) أو يقنن أو يوضع له جدول دوام رسمي، ولا يمكن أن نزن الحب والارتباط العاطفي بميزان أو بثمن، فالميزان الوحيد والثمن الوحيد لهما يتجلى في التضحية..
* ومن الملاحظ والمؤكد أننا إذا عشقنا أصبحنا أطفالا.. لأن الحب يضيف عمراً جديداً للعشاق يعيد إليهم براءتهم وحيويتهم ومرحهم الدائم، ويظل العشاق أطفالاً حتى ولو بلغوا قرناً من العمر.. فقبل الحب يكون الإنسان جاداً ومتجهماً وكبيراً في السن مقارنة بما بعد الحب.. قبل الحب تكون الحياة ضيقة ومليئة بالأشواك والمنغصات وبعد الحب تصبح الحياة فسيحة ومتسعة ومزهرة، فالحب يفجر الإبداع في الإنسان، وكل الشعراء لم يكونوا قبل الحب إلا متكلمين عاديين ولم تنضج وتتآلف موهبتهم إلا بعد أن ذاقوا حلاوة الحب.
* النفس البشرية تألف بغريزتها الفطرية المجبولة عليها ذلك الارتباط.. وعندما يستشعر الإنسان منا الأمان بالحب الذي يملؤه يشعر بالتوافق والانسجام بين مكنوناته الثلاثة النفس والروح والجسد.. ويصل إلى درجة الإلفة مع نفسه والشعور بذاته، وبالتالي يحقق اتصاله بمحبوبته ويكللانه بنعمة ذلك الرابط الشرعي (الزواج)، فهو اجتياح فطري للكائن الحي يسعد به الزوجان ويحسانه، وهما يلامسان الهواء، فروحاهما تعبران كل الفواصل والحواجز والحدود ويشعران بكيان سعيد كرمه الله عز وجل بتوثيق من عنده وعاطفة وإلفة ومحبة.
ولكن لأن النفس البشرية يغشاها الركود في أغلب الأحيان، ومع مرور الزمن نجد تلك الأرواح، وقد اعتادت التعود وتكاسلت عن التجديد والتغير.. ونكتشف أن الملل قد نسج خيوطه حول تلك العلاقة، وظللتها غيمة قاتمة تحمل الكثير من الرتابة التي تفقد الحياة الكثير من مذاقها، وذلك بتجميدها داخل (ثلاجة) توقف نموها فتبهت ألوانها ويتوقف نتاج ثمارها.. فيحكي لسان حالها ويقول:
مازلنا نتخطى صحراء الليل ونقتل نبض القلب.. نقف خلف الظل ونختبئ وراء برودة الألوان وننشد الصمت ونكتبه بريشة القلب ثم نرمي به بين ثقوب أبواب الصقيع.. من كان ليظن أننا قد نقطف ثمار فصولنا في لحظة أوجاعنا، وننسى وجهينا في مدننا، ونفقد خرائطنا، يتلاشى الإحساس ببعضنا.. ونبحث عن أشيائنا المفقودة، فنجدنا نتناثر بين الضياع والحسرة.. نجدنا بين طيات الألم ورفات الوجع لأننا غبنا عن بعضنا.. ما عدنا نرى كلينا.. ما عدنا نكتب بعضنا بأعيننا بعد أن كنا نسطر قلبينا بمداد حبنا.
“أبسط الحلول”
* بالحب ولأجل ما بيننا من ود يا رفيقي وفي عمق لحظات الزمن الحزين.. تشرد أطفال حكاياتنا.. نُحيي الحب الجميل فينا.. نسافر بعيداً أنت وأنا.. لكل منا طريق.. في قلب كل واحد منا (فراقٌ لوهلة) لعودة أجمل وحياة أسعد وأطول..
* لأن ارتباطنا كان عشقاً ولم يكن ورقاً ولا كلمات.. كان تفاهماً.. حباً.. وداً.. مُزاحاً.. سعادة وابتسامات.. سنحمل في قلبينا حباً لم تعرفة السنوات.. ندفئه بحرارة دمائنا وسنغلق عليه ستار العشق ونُسرد له ألواناً من الحكايات.. ونتغنى له بأجمل الأمنيات ونكتبه قبل ذلك قصيدة ورواية ومقال..
* لقد أصبح غرامنا باهتاً يا سيدي كالصور، كالذكريات.. أصبح قابعا في داخلنا متجمداً ببرودة أشواقنا وصقيع نظراتنا.. تلاشت حدود مدينتنا مع الضباب، فضاعت بشاير هوانا.. واعترف إن ذلك كان سبيلاً لك لإتقان النظرات لامرأة أخرى باحثا عن حياة التجديد.. لكني سألبس لك ثوب الربيع وأمسح عن وجهينا ملح الحياة لتسطع يا ربيع من جديد وتشيع البهجة والدفء والحب الجديد وتهجر برودة الحساس وتذيب كل أحساس كان في مرحلة التجميد.
* مرفأ.. دافئ
في عينيك تذوب آهـآتي
وبين يديك ترتسم حيــاتي.