عثمان ميرغني

(أفتحوا)..!!


الأستاذة سهير عبد الرحيم كتبت قبل يومين في عمودها المُثير دائماً للجدل عن الاستثمار (الأجنبي!!) في السودان في مجال الاتصالات.. واستغربت سهير أن يُسمح لشركات أجنبية (زين، أم تي أن) أن تستثمر في قطاع الاتصالات.. خشية اختراق أسرارنا الوطنية عبر استراق السمع لما يدور داخل اتصالات البيت السوداني.. وأشادت في المُقابل بشركة (سوداتل) على افتراض أنها استثمار وطني. والحقيقة (سوداتل) نفسها مسُتثمرة (أجنبية) في بعض دول غرب أفريقيا (موريتانيا والسنغال).. وبهذا المعيار ينالها أيضاً من السوط طرف.. ولكن ليست المشكلة في المعلومات وحدها، وليست في حكاية (اختراق اتصالاتنا) لأنّ أمريكا تنصتت حتى على مكالمات المُستشارة الألمانية ميراكل دون أن تفتح شركة اتصالات في برلين.. بل في وهم نعاني منه في السودان يسمى (الاستثمار الأجنبي). تجتهد الدولة في طلب الاستثمار والمُستثمرين من الخارج وما أن يحلوا في بلادنا حتى يُواجههم ضمير صد عالي الأسوار.. بعض المُستثمرين الأجانب تمنحهم الدولة أراضٍ لمشروعات زراعية فيظلوا سنين عدداً في إجراءات استلامها.. وما أن ينتهوا من أشواط الاستلام الرسمي حتى تبدأ معركة المُواجهة الميدانية على أرض الواقع مع مجموعات أهلية تتحجج بأنّها أرض الأجداد الذين (وصونا على التراب الغالي.. الماليهو تمن).. وغالباً تنتهي المعركة بهزيمة كاسحة للمُستثمر الأجنبي الذي يحمل بقايا (خفي حنين) ويعود من حيث أتى يغني (ورجعت حابس أدمعي..) وسبق لي هنا أن نقلت لكم ما قاله لي سفير دولة عربية (سابق) في الخرطوم؛ إنّ أهل السودان تشكرهم الملائكة يوم القيامة لإرجاعهم أرضهم كما خلقها الله دون مَساسٍ.. هذا السفير قال لي إنّ حل مشكلة السودان في كلمة واحدة (أفتحوا).. أفتحوا الأبواب على مصراعيها للاستثمار الأجنبي.. فما من دولة في العالم لا تتمنى هبوط الأموال الأجنبية في أرضها.. أمريكا مثلاً تمنح الجنسية فوراً لمن يستثمر مليون دولار على أرضها.. وكذا كل الدول الغربية.. وشرق آسيا.. المال لا يُخضع للحدود السياسية حيث ما حل (يجد مراغماً في الأرض وسعة).. الآن حتى المملكة العربية السعودية في (رؤية للعام 2030) فتحت الأبواب مشرعة للاستثمار الأجنبي.. وفي تقديري أنّ واحداً من أنكب مقاديرنا هو غياب (الرؤية) التي تنقلنا للمُستقبل تماماً مثل ما فعلت السعودية.. في إمكاننا أن نتحوّل لدولة محورية كُبرى في غضون سنوات قليلة لو (فتحنا) عقولنا قبل إمكانياتنا للتعامل مع الآخر الأجنبي.. فقط المطلوب كما قال السفير العربي.. (أفتحوا)!!. –