تحقيقات وتقارير

السودانيون بليبيا .. البحر أمامهم والجحيم خلفهم


لا تزال معاناة آلآف السودانيين في ليبيا تتجدد كل يوم، وتشكل هاجسا وتؤرق مضاجع ذويهم نتيجة الأوضاع الاستثنائية التي تعيشها ليبيا بعد سقوط نظام القذافي، وانفراط عقد الأمن.
وظل السودانيون في حالة استهداف مستمر، وبحسب ناشطين مدنيين فإن مئات الأسر السودانية فرت من مدن ليبية صوب سواحل البحر الأبيض طلباً للهجرة وهرباً من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم االدولة الاسلامية (داعش ) والمناطق التي تقاتل فيها الفصائل الليبية، وكشف مسؤول برنامج الحد من الهجرة غير الشرعية والعودة الطوعية للجاليات بليبيا مالك محمد صالح عن نزوح (300) أسرة سودانية من سرت، بجانب أعداد أخرى هربت من درنة، مطالباً الحكومة بالتدخل السريع ودعم جهود العودة الطوعية، فهل ستتحرك الحكومة لإنقاذ رعاياها من براثن المجهول؟

اضطهاد
أحد العائدين من ليبيا محمد صالح رابح قال لـ(آخر لحظة) إن الليبين لا يفرقون بين الحركات المسلحة التي تشارك في ليبيا والسودانيين المقيمين بليبيا، وأصبحنا نعاني من ذلك لدرجة منعنا من العمل في السوق، بخلاف نهب أموالنا وتعذيبنا وتهديدنا بالقتل، ونعتنا بأبشع الصفات وهم يقولون “إن المال الذي معك مال ليبي ولم تات به من بلدك” دون مراعاة لحجم المعاناة والتعب الذي عانيناه في سبيل جمع المال، ويضيف أكثر ما يؤلمنا صمت السفارة السودانية في ليبيا، فلا تجد جهة تستطيع أن تشتكي إليها أو تقدم لك الحماية، أما الفاضل الشريف العائد منذ أقل من شهرين من الجماهيرية فقد رسم صورة قاتمة لأوضاع السودانيين هناك، وقال إن الحال تبدل تماماً، وفي أحايين كثيرة نعمل بدون مقابل، خلاف الاعتداءات المتكررة، الفاضل يقول إنه شاهد حالتي وفاة لسودانيين أمام عينيه الأولى كان الجاني فيها كفيل برفض إعطاء شاب سوداني كان يعمل معه أمواله قبل أن يأمر بتعذيبه وقتله، وأعاب على سفارة السودان هناك الصمت حيال مايحدث لرعاياها .

تصريحات غير موفقة
أستاذ العلاقات الدولية بجامعة أم درمان الإسلامية البروفيسير صلاح الدين الدومة توقع ازدياد حالات العنف ضد السودانين في ليبيا في الفترة المقبلة، لعدم تصدي الجهات المسؤولة بها لمواطنيهم في حال ارتكابهم لعنف تجاه الاجنبي، مما جعل الأجانب ومن بينهم السودانيين يدفعون الثمن، ولم يستبعد أن تكون الخطوة امتداداً لتأثير الثقافة التي سادت لدى الجماعات الليبية في عهد القذافي، مما جعلهم ينظرون إلى الأجنبي وكأنه جاء لسرقة بلادهم، الدومة لم يستثن الحكومة مما يحدث للسودانيين في الأراضي الليبية بسبب ما أسماه التصريحات غير الموفقة لبعض المسؤلين التي تتهم الحركات الدارفورية بالقتال في ليبيا، مما جعل الليبين لا يميزون بين من يحمل السلاح ضدهم ومن جاء يبحث عن لقمة العيش، وأصبح في نظرهم أن السوداني عدو ويقاتل إخوتهم في مدن أخرى، بجانب بقايا نظام القذافي، وزاد “ بجانب الحديث غير الموفق من بعض المسؤلين هنالك حركات بكل أسف ما زالت تقاتل كمرتزقة في الأراضي الليبية .

مؤامرة
وكان مدير مركز دراسات الشرق الأوسط عثمان السيد قال في تصريح سابق للجزيرة نت إن طرد السودانيين من ليبيا ومنعهم من العودة لطرابلس جزء من أجندة تسعى لتورط الخرطوم في الأزمة هناك، وأكد أن ثمة مؤامرة تحاك ضد للوقيعة بين البلدين، معتبراً ذلك جانباً من الفوضى المتوقعة.

إستغراب
فيما أرجع السفير الطريفي كرمنو معاناة السودانيين بليبيا إلى الإضطراب العام للأوضاع بالدولة نفسها، وحملهم المسؤولية وقال إن أغلبهم لايحبذون التعامل مع السفارة، ولا تعلم بمكان سكنهم، وذهب إلى اأبعد من ذلك عندما قال إن بعضهم يخفي عنوانة، مستبعداً أن ترفض مساعدة من يلجؤون إليها، واستغرب كرمنو من تمسك السودانيين بالبقاء في ليبيا في ظل الظروف التي تعيشها، وقال في ختام حديثة للصحيفة يفترض أن يخرجوا منها لأي دولة أخرى في حال عدم رغبتهم في العودة للوطن خاصة بعد تصاعد العنف والاضطرابات، ولم تعد تلك الدولة مشجعة للبقاء سواء على مستوى العمل او المعيشة، فكثير من الأسر فقدت فرص عملها وأموالها، مما جعل البقاء فيها غير مجدي.
بالمقابل هناك صمت من الجهات المختصة بالداخل حيال ما يحدث للسودانيين هناك، وتعرض حياتهم للخطر، حاولنا الاتصال بعدد من المسؤولين إلا أننا لم نجد الرد، ويظل السؤال قائماً متى تنتهي معاناة السودانيين في ليبيا ؟!.

تقرير:عمر دمباي
صحيفة آخر لحظة


تعليق واحد

  1. كثير من السودانيين متمسكين بليبيا وعاضين عليها بالنواجذ رغم العنف والقتل والاضطهاد .. غايتو الناس دي عجيبة جداً