مقالات متنوعة

محجوب عروة : صحة أطفالنا


اتصل بي صديقٌ مستنكراً، ما أعلنته وزارة الصحة بولاية الخرطوم، إيقاف العلاج المجاني للأطفال في المستشفيات الحكومية، تحت سن الخامسة، والذي استثناهم قرار سابق من رئيس الجمهورية.
والحقيقة يُعجب المرء من هذا القرار الصادم لسببين، أولهما، كيف تجرؤ الوزارة من حرمان الأطفال وأبناء المستقبل من حقهم الدستوري والانساني في العلاج خاصة أبناء الفقراء وأبناء الطبقة الوسطى التي انسحقت تماماً وأصبحت تكابد شظف العيش وهاتان الطبقتان تشكلان ما يقرب من سبعة وتسعين بالمائة من الشعب السوداني. والأمر الثاني، كيف تسنى لوزارة، سواء كانت اتحادية أو ولائية، أن تتجاوز قرار أو حتى توجيه رئاسي كهذا القرار بالعلاج المجاني للأطفال ولا تلتزم به فهل، وصل عدم احترام القرارات والتوجيهات الرئاسية لهذا الحد؟
ونسأل ماهي حدود المسؤولية السياسية والأخلاقية، لمثل هذا القرار الخطير الذي يمس أطفالنا؟ لقد شهدنا في الماضي كيف كان العلاج المجاني والدواء يقدم للمواطن العادي في كل الأعمار ناهيك عن الأطفال استفاد منه من أصبح اليوم في موقع القرار ولكن يبدو أنهم نسوا أو تناسوا نعمة لله عليهم خاصة في قطاعي الصحة والتعليم نالوا العلاج والتعليم المجاني بل الدعم المالي الشهري وكانوا فقراء بل استفادوا من بند العطالة حين كانوا لا يملكون شيئاً وأصبحوا اليوم من الأثرياء بفضل ذلك العلاج والتعليم المجاني والنوعي في أعلى درجاته..
يتحدث المسؤولون عن محاربة الفقر وهل صحة الانسان وتعليمه إلا أساس محاربة الفقر وليس مجرد تحديد الأسعار دون جدوى؟ ان الانسان الذي يتمتع بصحة جيدة وتعليم مميز يستطيع أن يسعى ويطلق قدراته ويرفع عن كاهله وكاهل من يعولهم بنفسه. قد تحتج وزراة الصحة الولائية بأن ميزانيتها لم تعد تسمح بالعلاج المجاني للأطفال ولكن دعونا نسأل كم هي الأموال التي تبدد وتنفق على العطالة المقنعة ممثلة في وظائف سياسية هدفها المحاصصات السياسية والولاء والرشاوي السياسية بالمخصصات العالية والامتيازات المتنوعة والصرف على المواكب والتظاهرات التي يمارس فيها النهب المصلح برفع فواتير الصرف البذخي ولوظائف غير ذات جدوى ولا ذات أولوية مثلما يحصل في كل ولايات السودان نبدد بها الأموال فتضطر الولايات الى التخلي عن صحة المواطن وتعليمه، خاصة مثل هؤلاء الأطفال أو فرض ضرائب جديدة على المواطن وارهاقه بالجبايات التي تقصم ظهره وربما يساهم ذلك في انتشار ظاهرة الفساد المالي والتعدي على الأراضي كما ظهر مؤخراً في أعلى مستويات إدارة الولاية ولم يحاسب احد بل تمتعوا بالأموال عبر التحلل وياله من قانون!؟
تمتع به الفاسدون ويحرم الأطفال!! عجباً..
وإنتصر طلاب ليبيا
وأخيراً انتصرت الإرادة الطلابية في ليبيا، وانقشع الظلام وزال الكبت والجبروت، فعندما حملت الأنباء أن الحركة الطالبية في ليبيا قد عادت لها حيويتها وانتخبت مؤسساتها وقياداتها رجعت بي الذكريات عندما كنت
مغترباً في ليبيا العام ۱۹۷٥ عاصرت تلك الأحداث المفجعة بالاعدامات والمشانق التي صلب واعدم فيها عشرات الطلاب الليبيين الأحرار ومنهم طلاب عرب، (كان لي منهم صديق أردني عزيز شنق أمام زملائه) كان يدرس في جامعة طرابلس، ما نقموا من هؤلاء الطلاب الأشاوس إلا انهم لم يكونوا من الهتيفة ومن زمرة اللجان الثورية الفاشية التي أنشأها نظام الطاغية القذافي حيث كان هذا المجرم قد بدأ في تنفيذ مخططه السري الجهنمي بتقريب وتجنيد بعض طلاب الجامعات ومنهم أبناؤه ليكونوا بديلاً لزملائه في مجلس الثورة أو الضباط الذين قاموا معه بالانقلاب حيث أصبح هؤلاء الطلاب لاحقاً يكنون ولاءاً شخصياً للقذافي يوجههم حيث يشاء فجعل منهم القوة الثورية الضاربة بعد أن يغسل عقولهم ويحشوها بالترهات، التي أسماها الكتاب الأخضر، كعقيدة لهم. ومنذ فترة السبعيات أصبح هؤلاء الطلاب، بعد تخرجهم ووضعهم في جميع مفاصل الدولة وصاروا هم الأذرع والقوة الضاربة للقائد المزعوم، وكانوا قساة القلب يقصون ويقتلون ويعذبون ويسجنون بل ويسحلون ويذبحون، كل من يعترض طريق (القائد) فأصبحت ليبيا دولة الاستبداد والفساد والظلم والقهر.. ولكنهم وقائدهم (مسيلمة الكذاب) تناسوا أن لله هو مالك الملك فكانت الثورة وكان النصر المؤزر وصدق لله العظيم (وتلك الأيام نداولها بين الناس) وصدق من قال دولة الظلم ساعة ودولة العدل الى قيام الساعة.. تلك سنة لله في خلقه ولو كان الظالمون في بروج مشيدة أو تحيط بهم أجهزة القمع والصولجان والأموال..