مقالات متنوعة

لطيفة سعود المطوع : خلق الوفاء


مشاعر كالنسمات في رقتها، ونهر متدفقٌ من نشوة صفائه، إنها أخلاق الوفاء التي لازمت القلوب وجعلتها في أسمى معانيها وأرقى ما فيها، إنه الوفاء الذي طالما كان السبيل لرقي الناس، وكان الحبل الوثيق الذي يجمع الأمان في الأرواح، ويجمع شملها لمن تحب، إنه نبع يتجدد ويتدفق ويسري في أخلاق المرء، ويعجز أي شيء أن يبعده عن ذلك، والآن بتنا في زمنٍ يشكو من قحطٍ من أسمى المشاعر والوفاء، وأصبح عملة نادرة ترنو لمن يحتويها ويتحلى بها، ويصبح في أبهى حلة للناظرين، الوفاء لولاه لما رأيت الصديق يسارع إلى وصال صديقه وحفظه في حياته وبعد مماته، وذكره بأجمل الصفات، وذلك المواطن الذي يرعى مصالح وطنه، ويبذل كل السبل لأمنه وحمايته من الأعداء.

واليوم أصبحنا في واقع مرير يشكو من الجفاء ومن قلة الوفاء، ونرى أمثلة من ذلك عديدة وكثيرة لا تحصى، منها انجراف بعض الشباب الذين نراهم أخيرا في دول عديدة يكونون أعداء لوطنهم، متبعين لأجندات خارجية إرهابية عديدة تحرك بهم بواعث شهوة الشر لقتل الأبرياء في أوطانهم، والسعي لتدمير كل شيء من أجل ما ينتمون إليه من «داعش» وغيرها من المنظمات الإرهابية، وليس ذلك فقط بل هناك الصديق الذي يعتاد المرء بأن يمضي معه في حياته، ويكون سلوة النفس في أحزانها، وفي لحظات قليلة لا نراه ذلك الصديق الودود الذي عهدنا منه وصالا وحبا، وكأننا لم نجتمع بالأمس أو نلتقي، ولو رأيت ما في الكون من حروب وقتل وتدمير وإزهاق للأرواح البريئة كلها اجتمعت على أسس كانت لا تبنى على الحب والوفاء بل على الغدر والجفاء.

إنه الوفاء خلق شامل ورفيع، قد قل قدره لدى بعض الناس، ولو اجتمع في الكون لرأيت الأمن والأمان والحب نبراساً يجمع القلوب ولا يفرقها، ونأمل أن نجد صداه يعود من جديد ليعم الحب والوئام في المجتمع في أبهى حلة وصورة.