تحقيقات وتقارير

الترابي والمهدي … مكايدات الاعتقال ..!!


يبدو أن ما بين الأمين العام للمؤتمر الشعبي الراحل د. حسن الترابي ورئيس حزب الأمة الصادق المهدي ما صنع الحداد، أو كذلك يخيل للبعض لاسيما في المساجلات التي كانت تجري بين الرجلين في ظل التنافس السياسي المحموم والاستقطاب الحاد، فالمهدي يعتقد جازماً أن الترابي هز عرشه وسحب البساط من تحت أقدامه، وسطع نجمه خصماً من رصيد حزب الأمة وكارزيما الإمام، ذات الاعتقاد ربما هو سائد في الضفة الأخرى من المعادلة يميناً عند الاتحادي الديمقراطي ويساراً عند الحزب الشيوعي السوداني والقوميون العرب، لكن ماقاله الترابي خلال إفاداته لبرنامج شاهد على العصر الذي تبثه قناة الجزيرة هذه الأيام عقب وفاة الشيخ، بأن الصادق كان مسروراً لاعتقاله أبان انقلاب مايو … مقالة الترابي أثارت جدلاً واسعاً وإنبرت قيادات حزب الأمة تدافع عن زعيمها وتدرأ عنه التهمة ما استطاعت إلى ذلك سبيلا ..لكن يبقى السؤال هل فعلاً كان المهدي مسروراً لاعتقاله صهره في العهد المايوي ؟

عار من الصحة
بالطبع لايمكن لقادة حزب الأمة أن يوافقوا الترابي فيما ذهب إليه، رغم الخصومة التاريخية بين الحزبين، ولذلك سارع نائب رئيس حزب الأمة القومي اللواء «معاش» فضل الله برمة ناصر إلى تفنيد حديث الترابي، وقال لـ(آخر لحظة) إن الترابي لم يكن دقيقياً بالقدر الذي يجعله يوجه سهام نقده تجاه الإمام الصادق المهدي، وتابع أنهم رغم الخصومة السياسية التي تجمعهما في الساحة السياسية، إلا أن الإمام ليس هو بالشخص الذي يسره أمر اعتقال الترابي، لأن الإمام له مقولة ماثورة تدحض افتراءات الآخرين نحوه، وهي «الفشة غبينتو خرب مدينتو» وأضاف أن الإمام الصادق كان مصراً على إتاحة الفرصة لدخول الترابي ضمن الحكومة العريضة أبان انتفاضة «رجب أبريل « على الرغم من ممانعة الكثيرين لهذه الخطوة، لجهة أن الترابي كان ضمن توليفة الحكومة المايوية، وأشار إلى أن الإمام كسياسي قد يختلف مع غرمائه السياسيين، لكنه في ذات الوقت لا يلجأ إلى ظاهرة الحقد السياسي التي يتصف بها البعض، وقال إن التاريخ السياسي سجل للإمام نقاطاً ذهبية بوقوفه مع الترابي في خصومته أمام الشيوعيين، فيما مضى من الحقبة السالفة مبدياً تساؤلاً مفاده: هل يعقل أن الإمام الصادق بعد كل مجهوداته المضيئة حيال «صهره» الترابي، يسعى بيده لإخفاء نورها، ويبدي سروره بشأن إعتقاله؟

حراك وعراك
لكن القيادي بالشعبي د. عمار السجاد في إطار رده على برمة، أكد وقوع مساجلات جرت في الوقت الماضي بين الصادق والترابي، وصلت إلى مرحلة الحراك والعراك، وفسر السجاد ذلك التراشق للاختراقات السياسية التي أحدثها الترابي للمشهد السياسي الذي ورثه الميرغني والصادق، والتأثيرات الكبيرة التي خلفه، هذا الاختراق جعل من الطبيعي أن يصاب الصادق بالسرور عند اعتقال الترابي، وكشف في ذات الوقت عن مساع لرأب الصدع قام من قبل بعض القيادات لاحتواء المشاحنات بين الترابي وصهره ضمن تحالف إسلامي جديد، لكن عدول الصادق عن الفكرة جعل الفكرة تموت في مهدها

معادلة صفرية
المساجلات بين السجاد وبرمة ربما عقدت الأمر، ومن ثم ضاعت معالم الحقيقة في إفادات الرجلين، لكن أستاذ العلوم السياسية بالإسلامية د راشد التيجاني أعاد الأمور إلى نصابها ويرى أن الخطوة أمر طبيعي في ظل المنافسة السياسية المحمومة التي كانت بين الترابي قبيل رحيله وغريمه المهدي، وبرر حدوثها في ظل الانعاكسات على المشهد ككل، وقال حينما يتم اعتقال أحد المنافسين السياسيين فإن رصيده يخبو ويرتفع رصيد منافسيه الآخرين، نتيجة خلو الأجواء السياسية بالنسبة لهم، وهي معادلة صفرية أخذت تتجه إليها النخب السياسية واختزلتها في «يا فيها يا نطفيها» وعلى ذات النسق يمكن النظر إلى العلاقة السياسية التي تجمع الترابي بالصادق بأنها علاقة تحيطها الاستقطابات السياسية، رغم أنهما قد كونا في السابق تحالف الجبهة الوطنية المعارضة في ليبيا، وتوثقت علاقتهما بالمصاهرة، ومن المفارقة النظر إليهما على أنها علاقة مفارقات سياسية، لأن كليهما أبناء جيل واحد تحيط بهم نفس التحديات

تقرير:أيمن المدو
صحيفة آخر لحظة