الطيب مصطفى

أسلحة شرق النيل والإثنين الأسود !


سبحان الله! هل هي مصادفة أن يضم عدد (الصيحة) ليوم الأحد (أمس الأول) والذي طالبت فيه من خلال مقالي اليومي بتجريم الانتماء للحركات المسلحة في الجامعات السودانية وفي غيرها.. أن يضم مانشيتا عن ضبط كميات من الأسلحة والذخائر مخبأة في محلية شرق النيل بولاية الخرطوم قامت بتهريبها خلية من متمردي الحركة الشعبية لتحرير السودان وعن القبض على مجموعة من المتمردين أحدهم عقيد في قطاع الشمال التابع للحركة الشعبية التي يقودها عرمان والحلو وعقار ؟!
خبر (وكر) التمرد المقبوض عليه في الحاج يوسف أبرزته معظم الصحف السودانية قبل يومين وكان دليلاً قاطعاً على ما ظللنا نصرخ حوله (ونكورك) بأن العاصمة تتقلب في برميل من البارود لا يحول بينه وبين الانفجار إلا أن ينفجر، فعلاوة على الخلايا النائمة التابعة للحركات المسلحة والتي تربض انتظارا للحظة الصفر ومعها أسلحتها المخبأة أو الخلايا الصاحية المتمثلة في طلاب الجبهة الثورية المتمردين الذين عوقوا استقرار التعليم الجامعي فإن الاحتقان السياسي والضائقة المعيشية وضعف خدمات الكهرباء والمياه وغيرها والذي جعل عاصمتنا تغلي كالمرجل يحكي عن شر مستطير رأينا نذره في دول كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان قبل أن يدهمها ليل الحرب الأهلية التي تتلظى فيها اليوم .
تحدثنا مراراً عمّا حدث يوم الإثنين الأسود الذي فجر العاصمة عقب مصرع قرنق حيث هاج الجنوبيون وماجوا وسيطروا على العاصمة أو كادوا في غياب كامل للسلطات الأمنية إلى أن استفاق سكان الخرطوم من هول الصدمة في اليوم التالي (الثلاثاء المجيد) الذي أعاد مواطنو العاصمة فيه المياه إلى مجاريها وأعادوا إليها أمنها وتصدوا للتمرد الجنوبي وأسكتوه بدون أي تدخل من أجهزة الدولة.
لو كان الجنوبيون في ذلك اليوم يمتلكون أسلحة كالتي يكشف عنها من حين لآخر هذه الأيام لربما فقدنا العاصمة إلى الأبد ولأمسكت الحركة الشعبية بزمام الأمور من خلال انقلاب يقوده الحاقدون من عنصرييها سيما وأن عدو الشمال والشماليين باقان أموم كان قد تنبأ قبل ذلك بانفجار ما سماه بالحزام الأسود حول الخرطوم.
لا أشك البتة أن الخلية التي تم تفكيكها قبل يومين يوجد عشرات بل ربما مئات من أمثالها تتربص بالعاصمة وتنتظر لحظة الصفر التي ما انفك عرمان والحلو وعقار يرتبون لها بالتنسيق مع أولياء نعمتهم من الجيش الشعبي في جنوب السودان.
مشروع السودان الجديد الذي ظل قرنق وأولاده يحلمون به لم ينته أيها الغافلون وسنظل ننبه وندق ناقوس الخطر ونتحدث عن خطر الهجرة الأجنبية خاصة من تلقاء دولة جنوب السودان وعما يضمره اولئك الأشرار إلى أن تستعيد الدولة عافيتها وتقضي على تلك الأخطار المحدقة بأمنها واستقرارها وسلامها الاجتماعي وهويتها.
إن الهجرة الأجنبية تحتاج إلى وضع استراتيجية محكمة تحيط بالأخطار الكثيرة المترتبة عليها ذلك أن السودان محاط بعدد من الدول وبحزام من الفقر يجعله منطقة جذب من كل دول الجوار ولكل جنسية أخطارها التي تختلف عن الأخرى لكنها كلها جميعا تشكل عبئاً اقتصادياً وخطراً على الصحة العامة وتهدّد الهوية الوطنية، على أن الهجرة الجنوبية تعتبر الأخطر بالنظر إلى أن بعض الأطراف الجنوبية والمتحالفين معها من الأحزاب والتنظيمات السودانية لا يزالون يتشبثون ببعض مشروعاتهم العنصرية القديمة المتبقة من مخلفات الأيام الخالية سيما وأن الحركة الشعبية (لتحرير السودان) لا تزال حيّة ترزق، ولا يزال هناك من أبناء السودان من يصرون على عدم قطع العلاقة بالجنوب وليس أدل على ذلك من الحرب المستعرة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق والتي تسببت فيها اتفاقية نيفاشا التي للأسف الشديد لم تقطع الصلة بين الولايتين ودولة جنوب السودان بل أبقت الجيش الشعبي في الولايتين ليظل شوكة حوت في حلق السودان بعد الانفصال.


تعليق واحد